انعكاس الأزمة على الحالة النفسية لدى الأم

يحدثنا التاريخ عن نسائنا السوريات كزنوبيا وسميراميس نساء عظيمات قارعن أعتى الإمبرطوريات وأشدها ظلماً.. إلا أن المرأة تبقى امرأة وتسيطر عليها عاطفتها، فأمهات اليوم رغم قوتهن وعظمتهن إلا أن مصاب الوطن أكبر، فالأم بالنسبة للعائلة كالقلب في الجسد. فإن شعر القلب بالفرح أو شعر بالحزن، فإن كل الجسد سيشعر بذلك. فإن كانت الأم مرتاحة مطمئنة البال شعرت العائلة كلها بالاستقرار والسعادة، وإلا فويل للجميع، فالأم في حال يرثى لها.

تقول (أم باسل- ربة منزل): أصبحت عصبية أكثر، وأحس دائماً بالتعب، ولم أعد أستطيع أن أثق بأحد، ولم أعد أسمح لأولادي بالخروج كثيراً من البيت. وتضيف: ابنتي تدرس في محافظة أخرى، ومن شدة خوفي عليها أقول لها: لا داعي للذهاب إلى الامتحان. وعندما يخرجون أتصل بهم كثيراً لأطمئن عليهم، مما جعل أولادي يعتقدون أنني لا أثق بهم.. ودائماً يقولون لي: لماذا لا تثقين بنا.. لكنهم لا يستطيعون أن يفهموا خوفي عليهم، لأنهم ليسوا آباء أو أمهات بعد.

أما (أم عمار- معلمة مدرسة) فتقول: صحيح أننا نعيش وضعاً قلقاً حالياً، لكن هذا لا يعني أن نظل في البيت، فأنا دائماً أقول لأولادي وزوجي اذهبوا إلى أعمالكم ومارسوا حياتكم وكونوا حذرين وانتبهوا على أنفسكم، فالحياة تستمر ويجب علينا أن نقدم ما نستطيع من أجل الوطن.

وتقول (رانيا- مهندسة): أشعر أن زوجي غير مبال ولا يخاف على حياته، ويقول لي إن من واجبه تجاه وطنه ومجتمعه أن يذهب إلى عمله ويمارس حياته بشكل طبيعي. لكن تأخره الدائم بسبب العمل والطرقات خلق في داخلي هواجس كثيرة، وجعلني أقلق طوال الوقت، مما أثر على علاقتنا الزوجية.

ويقول (بشار- رب أسرة): زوجتي امرأة صالحة تخاف عليّ وعلى الأولاد في الوضع الطبيعي، لكن هذه الأيام أصبح خوفها زائداً مما خلق نوعاً من التوتر والحدة في تعاملها معي ومعي الأولاد. ويكمل قوله: صحيح أنها تدفعنا للخروج وممارسة أعمالنا، إلا أن الخوف والقلق يتآكلها طوال الوقت، مما انعكس سلباً على نفسيتها.

 

رأي علم النفس

تقول الاختصاصية بعلم النفس رنا المحمد: تتعامل الأمهات مع الأسرة بعاطفتها، وتظهر هذه العاطفة بجلاء في كل الأزمات، خاصة في المرحلة التي نمر بها حالياً، فقد أدت الأوضاع الراهنة إلى تغليب غريزة الأمومة على العقل، مما انعكس مباشرة على الأبناء من تشديد على عدم الخروج من المنزل، ورغبتها الدائمة ببقاء أبنائها وزوجها بجوارها وتحت نظرها.

وتضيف الاختصاصية: أصبحت الأمهات يعانين العصبية المفرطة ويقمن بالصراخ، لأتفه الأسباب والمشاكل، نتيجة القلق والتوتر.. وإن هذه الحالة التي يعيشها الأمهات قد تؤدي مع الزمن إلى أمراض خطيرة كارتفاع الضغط والإصابة بأمراض السكري وغيرها من الأمراض العضوية.

وتختم قولها: من الضروري أن يخفف أمهاتنا من حدة التوتر التي يعشنها، وهذا لمصلحة الأسرة حتى لا ينعكس عليهم بشكل سلبي، وعليهم تشجيع الأسرة على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي والذهاب إلى المدارس والعمل، ويساهمن في رفع معنوياتهم حتى يعود مجتمعنا كما كان ينعم بالاستقرار والأمان.

العدد 1105 - 01/5/2024