الإسلام السياسي وآفاق التطور

سقوط الإخوان في مصر لايعني فقط بداية سقوط المشروع الإخواني في المنطقة! بل بداية تراجع الإسلام السياسي في العالم ودون استثناء إيران والسعودية وتركيا، سيحدث ذلك في عالم متعدد الأقطاب يتشكل الآن رغم أنف الولايات المتحدة الأمريكية والغرب كله.

ورغم وجود حركات سياسية إسلامية في المنطقة منذ الثلث الأول من القرن الماضي، إلا أن رصيدها الشعبي لم يرتفع ارتفاعاً لافتاً للنظر إلا بعد نكسة حزيران ،1967 على خلفية إحباط حركة التحرر العربية القومية إثر حرب الأيام الستة، وأخذت تنتشر كظاهرة موضوعية في كل المجتمعات العربية تقريباً.

دعمت المخابرات الأمريكية هذه الحركات في سنوات الحرب الباردة بعد الحرب العالمية الثانية، مستخدمةً إياها في الصراع الأيديولوجي مع الاتحاد السوفييتي، للحد من نفوذ الأحزاب الشيوعية في الدول الإسلامية والعربية، ثم في الصراعات المسلحة من أجل المصالح الأمريكية في العالم:

 في أفغانستان ضد النفوذ السوفييتي.

 في الجزائر ضد استثمارات الغاز الروسية.

 في العراق لإشعال فتيل الحرب الأهلية الطائفية وتقسيم العراق للاستيلاء على نفط الشمال الكردي وغازه.

 في غزة لتقسيم الشعب الفلسطيني والتأسيس لدولتين فلسطينيتين.

 في ليبيا للسيطرة على منابع النفط والغاز فيها.

 في تركيا لجرها إلى المساهمة في المشروع الأمريكي في المنطقة.

 في مصر لجرها إلى فتنة دينية مع الأقباط.

 أخيراً في سورية لتمزيقها كيانات سياسية متناحرة، ولإبعاد النفوذ الروسي والإيراني عن المتوسط.

ورغم أن غالبية أعضاء الأحزاب الدينية هم من الطبقة الوسطى إلا أن فكر هذه الأحزاب يعبر عن مصالح البرجوازية التجارية التقليدية، خاصةً السنية منها، لأنها استمرار لفكر المذهب السني الذي عبر تاريخياً عن مصالح الطبقة التجارية السائدة في المجتمعات الإسلامية.

لذا فإن تحالف هذه الأحزاب مع الغرب هو في جوهره تحالف طبقي، أي تحالف بين قوى يمينية في الجهتين.

وقد نجح هذا التحالف في بعض أهدافه وفشل في أخرى، إلا أن الفشل الأخير في سورية كان الأكثر أهميةً، لأنه لم يستطع إسقاط الدولة السورية، وبدأ ينهي تفرد أمريكا بهيمنتها على العالم، وبدأت تعترف رغماً عنها بوجود قوى أخرى عليها أن تتقاسم معها المصالح والنفوذ مثل الدب الروسي والتنين الصيني، كما دل على ذلك تراجعها عن أهدافها الأولى في الحملة على سورية.

العدد 1107 - 22/5/2024