على أبواب المؤتمر الثاني عشر للحزب الشيوعي السوري الموحد: فلنعزّز الممارسة الديمقراطية.. واحترام الرأي الآخر

سأتطرق لموضوع طالما ناقشناه ضمن مقولة أو فكرة تبادل الرأي أو احترام الرأي الآخر، وصولاً إلى موضوعة التنوع في إطار الوحدة، وذلك كله بهدف أن تستطيع الأقلية أن تعبر عن وجودها ورأيها، عسى أن تصبح أكثرية، وذلك عبر الشرعية الحزبية، وهذا ما يساعد على تجنب التكتلات ويبعد بل يضع حداً للانقسامات التي عانت منها أحزابنا نتيجة قمع الأقلية ومنعها من التعبير عن رأيها.

ضمن هذا الإطار يمكن اعتبار الطرح للفكرة نقداً بناءاً من أجل تحقيق تطلعات مشروعة للشيوعيين في التجديد وتطوير الماركسية وتطوير عمل أحزابنا الشيوعية وتحسين عملها، وتخليصها من بقايا الجمود الفكري الذي طالما اتسم به عدد لا يستهان من قيادات أحزابنا الشيوعية، فقد فرضوا الانغلاق النظري على العاملين في مجال الفكر والثقافة، وادعت تلك القيادات امتلاك الحقيقة، وهذا هو بيت القصيد، فكل من لا يوافقهم الرأي مرتد ومنحرف، ونار غضبهم عليهم ثم تجري تصفيتهم حزبياً.

اليوم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي الاشتراكي وسقوط التجربة السوفييتية، وقف الشيوعيون أمام هذا الزلزال الكبير الذي هز العالم، فالمطلوب من الشيوعيين التفكير ثم التفكير، وأن نأخذ بالحسبان الواقع الملموس والابتعاد عن تقديس ما كتبه البعض من القادة، لأن  التقديس يعطل عمل الباحثين وقدرتهم على العطاء والإغناء وعلى التطوير والتحديث النظري، وهو يخلق حالة من الأجواء غير الصحيحة، حالت وتحول دون التقدم المطلوب لأحزابنا، وغيبت الرغبة بوجود الرأي الآخر، وجرى أحياناً إهمال أو ابتعاد عن الجانب العملي المادي.

إن حزبنا الشيوعي السوري الموحد طرق هذا المدخل من بابه العريض، مؤكداً في وثائق مؤتمراته العاشر والحادي عشر احترام الرأي الآخر، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، فطرح موضوعاً هاماً تاريخياً يجنب أحزابنا خطر الانقسامات كما ذكرنا سابقاً، لأن شعار التنوع في إطار الوحدة.. الشعار جسده الرفاق ومارسوه في حياتهم الحزبية اليومية، بدءاً من المؤتمر العاشر والحادي عشر. وها نحن اليوم على أبواب المؤتمر الثاني عشر وعلينا الحفاظ عليه، لكن لابد من إغنائه، وتصويبه، وتطويره باتجاه أن يعزّز هذا الشعار من خلال الممارسة داخل هيئات الحزب، وحدة الحزب الفكرية والتنظيمية، وحدة العمل والإرادة.. لا كما يفهمه البعض للأسف فهماً خاطئاً، فيؤدي إلى الفوضى والانفلات في حياة الحزب الداخلية، بل يصل البعض في فهمه للشعار إلى وضع النظام الداخلي على الرف.

أيها الرفاق.. لنعزز الممارسة الديمقراطية، ولنؤكد احترام الرأي الآخر، لنطور فكرنا وأنفسنا للقبول بالآخر، وأن لا نرى فيمن يخالفنا الرأي عدواً لنا، بل أن نتعامل بروح رفاقية خلاقة، وأن نعتبر ذلك ضمن أهم ما طرحه حزبنا شعار التنوع في إطار الوحدة.. وأعتبر هذا خطوة كبيرة نحو توسيع الديمقراطية وممارستها ضمن الحزب وهيئاته، وعاملاً أساسياً وهاماً يساعد على النهوض بالعمل  الفكري والحزبي، وبالتالي الحفاظ على الرفاق، مما يعزز وحدة الحزب الفكرية والتنظيمية.

العدد 1105 - 01/5/2024