تعديل قانون الأحوال الشخصية فيما يخص قضايا المرأة (2من2)

في مسائل الطلاق

 

 المادة 86

محل الطلاق المرأة التي في نكاح صحيح، أو المعتدة من طلاق رجعي، ولا يصح على غيرهما الطلاق ولو معلقاً.

كيف لهذا القانون أن يُشرّع الطلاق، ثمّ يقيّده بحالات معينة لا يصحُّ على غيرها من الحالات، بالأحرى هو هنا غير واضح، الطلاق طلاق، ومتى شاء الزوجان إنهاء العلاقة بينهما عندما تستحيل الحياة بينهما أن يصلا إلى حق الطلاق، أم أن هناك أنواعاً من الزواج لا يجوز فيها الطلاق وفق رؤية المشرّع؟

 المادة 91

يملك الزوج على زوجته ثلاث طلقات.

يا بلاش؟ أشعر هنا وكأن الطلاق لعبة في يد الزوج، يستعمله متى شاء ودون إرادة المرأة. كما أن في هذه المادة استهتار بالمؤسسة الزوجية وإخضاعها لاهتزازات متكررة دون شعور بالمسؤولية.

  المادة 102/2

2- إذا كانت الأم معسرة وقت المخالعة أو أعسرت فيما بعد يجبر الأب على نفقة الولد وتكون ديناً له على الأم.

عودة أخرى لمحاباة الرجل وإعفائه من مسؤولياته حتى تجاه أولاده، وكأنهم أولادها هي فقط. في الوقت الذي لا يسمح لها القانون لا بالولاية ولا بالوصاية عليهم. وماذا إذا لم تكن الأم عاملة، هل يموت الأطفال جوعاً؟ أليس هذا عنفاً معنوياً ومادياً من القانون والرجل معاً تجاه المرأة والأطفال؟

 

  المادة 117

 

الطلاق التعسفي

إذا طلق الرجل زوجته وتبين للقاضي أن الزوج متعسف في طلاقها دون ما سبب معقول، وأن الزوجة سيصيبها بذلك بؤس وفاقة، جاز للقاضي أن يحكم لها على مطلقها بحسب حاله ودرجة تعسفه بتعويض لا يتجاوز مبلغ نفقة ثلاث سنوات لأمثالها فوق نفقة العدة. وللقاضي أن يجعل دفع هذا التعويض جملة أو شهرياً بحسب مقتضى الحال.

في هذه المادة منتهى التمييز والعنف النفسي ضدّ المرأة مقابل الصمت عن نزوات الزوج واستهتاره، فانهيار أسرة بكاملها طبيعي، ويكفي أن يقدّر القاضي درجة التعسّف ليحدد لها ولأولادها نفقة، ومرة ثانية وفق حال الزوج ومشيئته المدعّمة من القانون والمشرّع، دون النظر لما قدمته المرأة طيلة سنوات الزواج، ودون النظر إلى الظلم الكبير الذي لحق بها بسبب طلاق بلا أسباب مقنعة، فقط وفق أهواء الزوج.

 

 المادة 118/ 1

الطلاق الرجعي لا يزيل الزوجية، وللزوج أن يراجع مطلقته أثناء العدة بالقول أو الفعل، ولا يسقط هذا الحق بالإسقاط.

وهنا عودة للتساهل بحق المرأة وكرامتها وإنسانيتها، سعياً لإرضاء نزوات الزوج.

 المادة 123

عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام.

والعدة هي امتناع المرأة عن الخروج من البيت، أو الظهور أمام رجال غير محرمين. فوفق هذا المفهوم، أيُعقل أن تمتنع امرأة عاملة خارج البيت عن الذهاب إلى العمل أو القيام بمسؤوليات الأسرة كل هذه المدة، ونحن في زمن بات كل إنسان مسؤولاً عن نفسه فقط أمام ضغوط الحياة ومتطلباتها؟!

 

الحضانة

 المادة 137

يشترط لأهلية الحضانة البلوغ والعقل والقدرة على صيانة الولد صحة وخلقاً.

لا أدري كيف تستقيم الأمور في هذا القانون؟ فهل الأمومة قبل الطلاق مختلفة عمّا بعده؟ هل لأم فاضلة أن تصبح خلاف ذلك بعد الطلاق وتُمنع من حضانة أطفالها؟! أم أن الزواج بنظر القانون يُبيح للأم كل ما يمنعه عنها بعد الطلاق؟

 المادة 138

زواج الحاضنة بغير قريب محرم من المحضون يسقط حضانتها.

لماذا تُحرم الأم من الحضانة إذا تزوجت، بينما لا يُحرم الأب منها إذا تزوج؟ أليس في هذا تمييز واضح وفاضح ضدّ الأمومة التي قد يكون الأولاد بحاجة ماسّة إليها أكثر من حاجتهم إلى الأب، لاسيما في أعمار حرجة كالمراهقة مثلاً؟ ثمّ إن هذه المادة تتضمن تقييداً وقتلاً لأنوثة المرأة واحتياجاتها العاطفية والنفسية، لاسيما تلك التي تكون مطلّقة في عمر صغير.

 المادة 139/2

لا يسقط حق الحاضنة بحضانة أولادها بسبب عملها إذا كانت تؤمن رعايتهم والعناية بهم بطريقة مقبولة.

وهنا تناقض وتمييز لصالح الرجل، فعمل المرأة دون رضا الزوج يُسقط عنها النفقة أعلاه، بينما هو هنا لا يُسقط عنها الحضانة مادامت تُعفي الرجل من مسؤولياته وواجباته تجاه أولاده.

 المادة 147/ 2

في حال ضم الولد إلى الأم، أو من تقوم مقامها، تلزم بالنفقة ما دامت قادرة على ذلك.

المقصود بالضم هنا هو ما بعد انقضاء سن الحضانة المحدد بالقانون(12 عاماً للصبي و15 عاماً للبنت).

لاحظ كلمة تُلزم، أي تُجبر الأم على النفقة على أولادها مادامت قد اختارت بقاءهم معها، مقابل إعفاء الأب من مسؤولياته. هل يُعقل التساهل بدور الأب وواجباته إلى هذا الحد..؟ وهل يُعقل أن يكون التمييز ضدّ المرأة حتى في أمومتها وأنوثتها؟ أليسوا أولاده مثلما هم أولادها..؟ أم من حقه فقط الزواج ثانية والإنفاق على أولاده من زوجة ثانية تسهيلاً له وإخراجه من دائرة الحرج وضيق ذات اليد، ملقياً بها فقط على الأم؟

 المادة 148

1- ليس للأم أن تسافر بولدها أثناء الزوجية إلا بأذن أبيه.

2- للأم الحاضنة أن تسافر بالمحضون بعد انقضاء عدتها دون إذن الولي إلى بلدتها التي جرى فيها عقد نكاحها.

3- ولها أن تسافر به داخل القطر إلى البلدة التي تقيم فيها، أو إلى البلدة التي تعمل فيها، لدى أي جهة من الجهات العامة، شريطة أن يكون أحد أقاربها المحارم مقيماً في تلك البلدة.

أيضاً هذه المادة تعجُّ بالتمييز، ففي البند الأول لا يجوز لها وهي الأم/ الوالدة والمربية أن تسافر بابنها دون موافقة أبيه، وكأنها كائن غريب عنه لا يهمها مصلحته، أو أنها تريد به شراً.. إنه تقييد لحركة المرأة من جهة، وتعميق لتبعيتها للرجل من جهة أخرى. أما في البند الثاني ففيه محاباة للرجل وإعفاء من واجباته، وذلك بالسماح للأم أن تسافر بالطفل دون إذن أبيه بعد الطلاق. أما البند الثالث ففيه كل عدم التقدير والاحترام لكيان وشرف المرأة، إذ يُسمح لها أن تسافر بالمحضون إلى مكان عملها شرط وجود محرم، أيُعقل هذا، فماذا إذا لم يكن هناك محرم، هل تترك المرأة/ الحاضنة عملها وهي المكلفة بالإنفاق على الطفل وفق القانون نفسه؟!

 

في مجال الميراث

المادة 263/1: أسباب الإرث – الزوجية والقرابة.

المادة 264/ ب موانع الإرث:

ب – اختلاف الدين بين المسلم وغيره.

ج – لا يمنح الأجنبي حق الإرث إلا إذا كانت قوانين بلاده تمنح مثل ذلك للسوريين.

في هذه المادة تمييز على أساس الدين والعرق، بمعنى إذا كان أحد الزوجين- وغالباً المرأة- من دين غير دين الزوج الآخر يُحرم من الميراث، وفي هذا تمييز على أساس الدين، وتناقض مع المادة 263 التي توجب الزوجية والقرابة في الإرث. كما أنه وفق للفقرة ج يحرم أبناء السوريات المتزوجات من غير سوريين من أن يورثن أولادهن، وهو ما تُعانيه الكثيرات من النساء، وهذا أحد الأسباب الداعية لتعديل قانون الجنسية السوري وضرورة منح السورية جنسيتها لأولادها. فالمرأة هنا يمكنها توريث إخوتها وأولادهم وسواهم من مقربين، في حين أنه لا يمكنها أن توّرث أولادها، بينما لا ينطبق ذلك على الرجل المتزوج من غير سورية، وفي هذا منتهى التمييز والعنف النفسي والمادي للمرأة والأولاد.

  المادة 297/1

1- في ميراث ذوي الأرحام مطلقاً للذكر مثل حظ الأنثيين.

أيضاً هذه المادة تحتوي على تمييز جنسي ومادي ضد المرأة في وقت قد تكون هي من ساهمت مساهمة كبيرة في تكوين ملكيات الأسرة المادية من أموال وأراضٍ وسواها، لاسيما في البيئات الفلاحية. والرجل قد يكون متزوجاً أو مسافراً أو في مراحل التعليم الذي تُحرم هي منه من أجل أخيها الذي يستحق لاحقاً أضعاف ما تستحقه من ميراث. وربما لا تطول منه شيئاً وفقاً لأعراف الكثير من البيئات.

نجد مما تقدّم أعلاه أنه يتناقض مع الدستور ومع اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة/ سيداو ، لاسيما المادة 16 منها. لذا نجد أنه من الضروري الإسراع في تعديل هذا القانون وسواه من أجل مواكبة روح العصر والمتغيّرات التي طالت جميع أفراد الأسرة والعلاقة فيما بينهم. وهذا لا يتحقق باعتقادي إلاّ بقانون أسرة مستند إلى الدستور والمعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الدولية، كاتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية السيداو، وكذلك اتفاقية حقوق الإنسان والعهد الوطني لحقوق الإنسان.

العدد 1105 - 01/5/2024