عباءات التوحش الإمبريالي الجديد تجبير العظام المكسورة للأسخريوطيين الجدد

لم يعد أحد بحاجة إلى عناء تفكير، ليتأكد أن وراء مصائب البشرية كلها اليوم هي التلمودية الإمبريالية التي أكدت في بروتوكولاتها: (بهذه  التدابير نتمكن من القبض على السلطة التي ندمر بها شيئا فشيئاً وخطوة خطوة ما نريد إزالته من دساتير العالم تمهيداً للانتقال الكبير، ثم يعقب ذلك قلب كل حكومة وجعلها مقطورة إلى سلطتنا تابعة طائعة). فقد تأكد أن ثمة شبحاً إمبريالياً، ظلامياً، وحشياً بات يزحف بظله عبر آفاق أمتنا العربية التي تعيش المهانة والاستغلال،  وفي إطار عقائد هذا العيش الظالمة، تعمل جيوش إمبراطورية الظلام الأمريكية وأنظمتها وأدواتها وأزلامها مثلاً باستغلال معظم الثروات البترولية الجبارة المتوفرة لدى أمتنا المستضعفة، في الوقت الذي ينام الشعب ويصحو على معاناته من شظف وتخلف بقائه فوق ضرام رمال ما ظهر وبطن من (القبب البترولية العملاقة)، وبعيد أن اشتد هبوب العواصف وأنواء الانحسار الاقتصادي على وجود فقراء وطننا العربي وعماله. وبقائهم ونمائهم، تستمر قوات الإمبريالية العسكرية والأمنية في تصعيد فعل هذا الطغيان الإمبريالي الجديد، بمختلف الأشكال الرأسمالية البشعة لتحقيق غاياته الشيطانية الأنانية غير آبهة البتة بواقع بقاء الشعوب عامة ونمائها وفي مقدمها شعبنا العربي. فإمبراطورية  النفط الكبرى- القائدة للسياسة الإمبريالية باتت مقتنعة بضرورة توطين وجودها  في الوطن العربي  لتضمن اطّراد هيمنتها علينا، باعتبار أن هذا الأمر يشكل لديها الأساس في أن تكون أو لا تكون، لذلك خاطت عباءات التوحش الإمبريالي الجديد، ومهدت السبيل لتقدم (شريعة كلاب إمبراطورية النفط الكبرى)، وأزلامها (الضباع) من أعلى  الشمال إلى أدنى الجنوب، تحت شمس هذا الكوكب المستضعف، فسادت عقلية طغيان الرأسمالية على وجود البشرية، وراحت تزداد الفوضى العالمية.

 وفي سبيل التعمية على سرقة النفط العربي يستمرون في  العراق  بدعم حكومة الانفصال بقيادة البرازاني في شمال العراق وبـ(رقصة) حوارات السلام الفلسطينية الإسرائيلية التي تجري في ملاهي شرم الشيخ الموسادية حيث يلعب أزلام كامب ديفيد العرب أدوار تجرّد سياسية محكمة التصميم خاصة لطبقة عربية  شاردة مكونة من بعض نساء ورجال في الوطن العربي.

وفي سبيل تحقق مخططهم الشيطاني نصب التلموديون الإمبرياليون مقارّ قياداتهم عند معابر النضال التحرري العربي، لإعاقة مختلف الجهود الوطنية العربية والدولية لنصرة أهلنا  المحاصرين من المحيط إلى الخليج، وتحريك كتائبهم الآمنة العسكرية السرية لضرب المقاومة الوطنية-العربية،  وإيقاظ حلفائهم النائمين في سراديب ومتاحات مدن النظام العربي الحاكم وغيطانه، ودفعهم في الحروب السرية والعلنية للإمبراطورية التلمودية، وبذل الأموال الطائلة لشراء الرأي العام الوطني العربي المستضعف، وتجييشه سياسياً وتنموياً، لتعزيز عقائد السوق المتوحشة، بهدف جر أمتنا العربية عبر وديان ضلال الإمبريالية التلمودية، حيث تكشفت جلية حضارة القنوع التي حاولت الإمبريالية التلمودية نشرها من خلال الحقيقتين التاليتين:

1- بروز مأزق البشرية الراهن الذي تنسج وجوده قوى العولمة المتوحشة ويأتي في مقدمها: انفصام شخصية المجتمع البشري، وانحسار القيم والمبادئ الإنسانية، وتفاقم الفساد في إدارة شؤون الناس، وتردّي رؤية مستقبل العالم الذي يحتوي وجودنا البشري والبيئي.

2- اطراد شرخ مرآة البقاء البشري الذي تجسّد في انقسام المجتمع البشري إلى صنفين: أقلية عددية محظية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً تحولت إلى أكثرية من حيث النفوذ في المجتمعات البشرية، والرأسمالية منها خاصة، يمكن تسميتها بالأكثرية المحظية، وأكثرية عددية، تعيش مقتاً متعاظم القسوة في الفقر والعوز والبؤس والقهر، تحوّلت إلى أقلية من حيث اقتناعها بما يغشاها من ظلام الاستغلال والبطالة والحرمان والتخلف الحضاري، يمكن تسميتها بالأقلية القانعة. وبسبب السياسة الإمبريالية المتوحشة انتاب مجتمع البشرية اعتلال رهيب، فقد غابت القيم والمفاهيم، وتزايدت درجة تعقيد العالم وغموضه، وأصبح من الصعب تفهّم المجتمع الجديد الآخذ في الظهور. ومما عزز ظاهرة التوحش الإمبريالي التلمودي  ممارستها أعتى أساليب التوحش ضد شعبنا العربي عامة وفي سورية وفلسطين ولبنان والعراق  خاصة، وقد صلت إلى شن أقذر حرب على سورية متحالفة مع القوى الغربية الاستعمارية، مستخدمة كل الوسائل المنافية للقيم والشرائع السماوية.

 وعند تشخيص منظور القرار العربي الذي تحجّر في حده الأدنى يمكن تصنيف وجود العرب والمسلمين اليوم بأنهم (قوم في أكثر من مصيبة). ومن أبرز تكشفات مصائب الأمة العربية الراهنة: الحصارات المدنية والحروب الإقليمية، وإثارة الشجارات الحضارية، وتكتيكات سياسية تدور في فلك المستعمرين الطغاة، واستراتيجيات شيطانية لطمس توقد الفكر العربي وتغليب حضارة الخنوع والقنوع على حضارة الأمة العربية، وانفصام عروة العرب والمسلمين، وغيرها كثير.

وكما نعلم فالتلمودية الإمبريالية تعتمد في مشروعها الشيطاني على من صنعتهم من  أدوات، يأتي في مقدمهم معظم  الحكام العرب وخاصة الخليجيين، فقد بات النظام العربي الكسير يتبارى بأشكال منحرفة شتى من تحت سطح تراب الصمود العربي لخدمة أسيادهم،  وهذا النظام ملزم بتلبية مشيئة إمبراطورية النفط الكبرى ورعاية مصالحها داخل الوطن العربي، والعمل لتحقيق النظرية الفندقية البترولية الإمبريالية، أي التي تعتبر كل مصادر البترول العربية ملكاً لإمبراطورية النفط الأمريكية التلمودية، والبترول ضيفاً مقيماً لها في الوطن العربي إلى حين يتم ترحيله كلياً عنه.كما أنها تستخدم من صنعتهم في أوكار استخباراتها من العملاء   الذين نطلق عليهم اسم الأسخريطيون الجدد الذين يعشّشون بين صفوفنا  ويلعبون دورهم على أكمل وجه في المشاريع التآمرية التي تستهدف الأمة، فيهوذا الأسخريوطي موجود في كل مواضع الخلل، ومناطق التوتر والانفجارات والفوضى، ويعمل في العلن حيناً، وفي الخفاء أغلب الأحايين ضد المصالح العربية العليا، يغذي الفتن والأحقاد، يحرص على إثارة الفوضى والاقتتال بين الإخوة، يستقوي بالأجنبي على بلده، يعتبر العدو شقيقاً وصديقاً،  يهوذا الأسخريوطي هو من يهاجم سورية ومحور المقاومة ويتخلى عن القضية الفلسطينية، وهو كل من يطلب النجاة لنفسه والحفاظ على الكرسي، وكل من يسيء للشعب وينأى بنفسه عن الدفاع عن وطنه. الأسخريطيون الجدد هم الذين يقومون بتبييض أموال الفاسدين العرب، وذلك بتسهيل قيام جامعات خاصة بديلة تتيح لأبناء الأثرياء العرب متابعة دراساتهم قريباً من (خراطات) أمهاتهم مع منحهم فرص متابعتهم المعهودة للتمتع خارج بلادهم بما سرقه الآباء والأمهات من أفواه الفقراء العرب.

لذلك نرى أن من أولويات التلمودية الإمبريالية اليوم الحرص على تجبير العظام المكسورة لأزلامها ومرتزقتها، بعد أن انكشفت سوءاتهم وسمسراتهم في ساحات التنمية الوطنية-العربية، وتعرت خبائث  كيدهم  لكل توجهات التحرر والتقدم والنماء العربي في العراق وسورية ولبنان وفلسطين وفي بلدان أخرى،  ومحاولة رأب صدع هزيمة آلام الإمبراطورية التلمودية، بعد أن تفسخت الأسواق البترولية الدولية اليوم وانفضح تلوث أيديهم بدم شعبنا،   وبعد أن اتخذت عقيدة الفوضى  التلمودية نمطاً جديداً بالتصميم على سحق عقائد حضارات الشعوب المجيدة عبر آليات نشر الفوضى العالمية.. ويمكن القول: إن الرئيس الأمريكي أوباما أصيب بمسّ من (الميداسا)، التي تتجسد في سلوكية إدارته، لتحجر الأشياء من حول أمتنا العربية، وخاصة قراره باستمرار التسليح والدعم لما يسمى المعارضة قي سورية والعصابات المجرمة التكفيرية تحت مسميات الاعتدال ومحاربة بعضها الآخر.

والمطلع على الواقع العربي يجد أنه ليس ثمة إبراء لعلة الإحباط التي ترهص قلوبنا عبر الاحساس بالمصائب الجسام التي تعتري حياتنا سوى المبادرة إلى إيقاظ  الغافلين، وبخاصة المفكرين وصناع  قرار البقاء والنماء، وتذكيرهم بأن ليس ثمة وقت كاف بعد لصنع قومتهم من بين أنقاض المصائب التي تغشاهم.

اليوم ونحن نعاني من عواصف العدوان والحرب والمشاكل المعقدة والفساد بأنواعه والتحديات تنهال علينا من كل حدب وصوب، هل سيتذكر أصحاب القرار في الوطن العربي تفصيل تجربة الملك النعمان ليتوصلوا في قراراتهم الوطنية والقومية  إلى ما يريده الشعب؟ خاصة أن شعبنا العربي اليوم بات يرتقب  بفارغ الصبر قومة (برسيوس) العصر العربي الحديث ومتابعته شحذ سيفه العصري القاطع،ليشهره قاطعاً رأس نفوذ (الميداسا) الجديدة في الوطن العربي،ومنهياً بذلك حال المسّ الشيطاني الاستضعافي الذي هدّ كيان الأمة العربية منذ وقت طويل، طويل.

العدد 1105 - 01/5/2024