وداعاً أبا أحمد!

خليل الناصر.. وصالح الناصر.. وعبد الفتاح الناصر.. إنهم الإخوة الثلاثة الذين انتسبوا إلى الحزب الشيوعي السوري منذ بدايات دخوله مدينة الرقة، وكانت بيوتهم مفتوحة دائماً لاجتماعات الرفاق ولقاءاتهم.. وكان الاجتماع في بيت الرفيق خليل أحمد الحاج، هكذا اسمه في البطاقة الشخصية، معروف بأبي أحمد، له نكهة خاصة، لأن زوجته (أم أحمد) رحمها الله التي وافتها المنية بعد تهجيرها مع عائلتها قسراً من الإرهابيين التكفيريين، توفيت قبل أبي أحمد بأسبوعين تقريباً.. إلا أنها عندما شعرت باقتراب الأجل ولقاء الخالق، أصرت على الذهاب إلى الرقة (رقتها) التي ترعرعت وعاشت فيها أجمل أيام حياتها.. حيث توفيت ودفنت هناك، بعيداً عن رفيق عمرها أبي أحمد، وفلذة كبدها عبد القادر وصالح.

كانت أم أحمد تصر على اقتحام الغرفة التي نجتمع فيها، وتسلم علينا رفيقاً رقيقاً، رغم إحراج الرفيق أبي أحمد، لأن منطقتنا شبه محافظة، ونادراً ما تدخل النساء في المدينة على الرجال إلا إذا كانت عائلة صديقة. وفي الكثير من الأحيان لا تكتفي أم أحمد بواجب الضيافة من القهوة والشاي، وإنما تصر على تقديم الغداء أو العشاء، أو بعض الحلوى التي تصنعها بيديها، وهي كما يقول أبناء الرقة (معدّلة)، أي نظيفة وتجيد الطبخ، وعندما يتعزز الرفاق خجلاً أو لضيق الوقت، تصر أم أحمد على تقديم شيء (على الماشي) ولو قطعة كبة نية من يديها، لذلك كان الاجتماع في بيت أبي أحمد ذا نكهة خاصة، فكلّ الرحمة لروح أم أحمد!

أما الرفيق أبو أحمد- رحمه الله- الذي فصلته عن وداع أم أحمد جبال وسهول ووديان قسراً، فلم يستطع دوام الفراق، ولحق بها مسرعاً بعد أسبوعين. يقولون في الرقة عند التعزية برجل (من خلّف ما مات).. نعم، عزاؤنا بأبي أحمد وأم أحمد في أولادهما عبد القادر وصالح وأحمد، وهم من الشباب المقدامين، المخلصين للحزب ولرفاق والديهما، ويتمثلون بصفات والديهما في الكرم وحب العمل ومحبة الآخرين وروح المبادرة والجرأة.. كل المحبة لعبدو وصالح وأختهم وعائلاتهم، وكل الرحمة لروح أبي أحمد الطيبة (أبو العلاقات الاجتماعية).

يذكر رفاقي أن أبا أحمد كان يركز في الاجتماعات على العلاقات الاجتماعية بين الرفاق، ويا ويلنا إذا مرت عند أحد الرفاق مناسبة فرح أو ترح ولم نشارك باسم الهيئة، لذلك سماه بعض الرفاق (أبو العلاقات الاجتماعية).. محبتي لكل الرفاق! وحتماً ستزول العتمة عن محافظة الرقة، وسيعود الرفاق إلى منازلهم وأرضهم وأصدقائهم، وسيكون البند الأول في اجتماعاتنا (العلاقات الاجتماعية).

العدد 1105 - 01/5/2024