يوم المرأة العالمي فسحة نيّرة ومناسبة تنشر عبيرها

اقترب يوم الثامن من آذار يوم المرأة العالمي، اليوم المتميز في تاريخ الإنسانية، والذي يحمل مع عبقه ذكرى انطلاقة أول ثورة نسائية صارخة ضد العنف والاضطهاد والتمييز.. هو فسحة نيّرة ومناسبة تلقي بضوئها وتنشر عبيرها، مذكّرة أن نساء الأرض ناضلن كثيراً ليتم تناول قضية المرأة في المحافل الدولية.

واليوم ونحن في الألفية الثالثة، مازالت المرأة تواجه الكثير من التحديات، وتواجه على الأقل شكلاً من أشكال التمييز الذي يكرس النوع الاجتماعي كمبرر لوضعها في المكان الثاني.

واليوم لم أستطع وأنا أتحدث عن هذا اليوم، أن أستهل الكلام بالقول إنه عيد المرأة، لأنه، في سورية، ونحن نعيش الحرب، لم يعد ذلك اليوم نفسه الذي دغدغ أحلام النساء التقدميات، اللواتي كن يقفن في هذا اليوم يغمرهن الكبرياء والفرح والأمل بأن القادم أفضل.

اليوم في سورية، يوم المرأة العالمي مختلف المعالم، تحتاج النساء فيه إلى وقفةٍ مختلفةٍ تعيدُ فيها النساء حساباتهن، بعد أن أيقنّ، على الأرض، أن ماتغنّين به وحققنه من إنجازات لم يكن ثابتاً وراسخاً كفاية ليواجه الحرب الجاهلية.

كنا نطالب بحقوق تُقدمنا خطوةً نحو العالم الإنساني، خطوة تسمح لنا أن نتجاوز القهر والقمع التاريخي، ونطالب بصكوك قانونية تحمي هذه الحقوق من الانتهاك. كنا متفائلات بأن القادم أفضل، وأن أي تحرك نسائي في الميدان إن لم تظهر نتائجه سريعاً، فلابد أن يترك أثراً وراءه، كنقطة الماء التي تظل تحفر في مكان سقوطها حتى تفسح لها مكاناً ومجرى. نعم، كنا نحلم ونعمل من أجل أن يأتي الآخرون من بعدنا ويختطوا طريقاً أكثر صواباً ووضوحاً وفاعلية.

واليوم بعد امتحان محو الهوية والمبدأ والمعتقد الطويلِ المدى، أصبحنا على ضفاف الجاهلية التي تتغنى بامرأة لم نكنها ولن نكونها، امرأة قبلت أن تدار من قبل الأفاقين، امرأةٌ يقولون إنها المتفردة التي ستبني المستقبل الأكثر ظلاماً في التاريخ.

اليوم، هل ستسمح المرأة السورية أن يغتال الغزاة ماضيها وحاضرها ومستقبلها؟ هل ستنتفض لتقوض كل مايرسمُ لها؟ هل ستخرجُ من تحت ركام الآلام بما تحمله من تشرد فكري ومكاني، لتنزع وشاحها وتنشره على مساحة الوطن، ولتقول: كفاكم ياأبنائي، فقد ضاق القلب وأنتم تحرقون وتحترقون، لنمسك معاً بتلابيب الوطن ونضمّه ونغسل أحزانه ونرتق هفواته وننام في حضنه الدافئ، فقد طال بنا النعاس!

دعونا يا نساء بلدي نجعل من هذا اليوم وقفةً متميزة تتماسك فيها أيدي كل أطياف النساء الوطنيات في سورية، في حلقة لن تستطيع أي قوة أن تكسر هذا التلاحم لنقول ونحقق مانريد، لن يفرقنا دين ولا معتقد ولا لون، وليعرف كل العالم أن المرأة السورية هي التي ستُخرجُ الوطن من أتون هذه الحرب، وهي التي ستبني وتبني وتبني!

العدد 1105 - 01/5/2024