الإعلان الهادف.. هل بدأ يشق طريقه إلى شاشاتنا؟

في محاولة قد تكون مجديةً، سنحاول إعادة ذاكرتكم إلى الوراء قليلاً، قبل عدد غير قليل من السنوات، وتحديداً إلى بعض الإعلانات التي كانت تبثّ على شاشتنا الصغيرة في تلك الفترة. الغرض من وراء إنعاش الذاكرة هذا هو موضوع في غاية الأهميّة، قد يكون اندثر أو نسي لفترة من الزمن، ولكن على ما يبدو  هناك أياد بيضاء، تحاول إعادته من جديد، وهو الإعلان الهادف…أوّل ما يتبادر إلى أذهاننا حين نتكلم عن الإعلان، أيّ إعلان، امرأة جميلة ممشوقة القوام، تحمل بيدها المنتج أو المادة المراد تسويقها، وتتحدث عنه، سواء كان هذا المنتج يستهدف المرأة، أو الأطفال، أو حتى أموراً أخرى. قد لا تكون جميع الإعلانات على هذا النحو، ولكن للأسف هذا حال الكثير منها.

وقد يكون السبب الحقيقيّ الذي دفعني للتطرّق لهذا الموضوع، هو أحد الإعلانات التي تعرض على الشّاشات السّورية منذ فترة غير قصيرة، يظهر في هذا الإعلان بعض الأشكال الكرتونية تغنّي أغنية تعلّم الأطفال غسل اليدين بطريقة غنائيّة محبّبة مقرّبة إلى قلب الطفل، فترشده إلى أوقات الغسل، وكيفية الانتباه إلى نظافة اليدين والجسم. وأتساءل في نفسي: هل بدأ الإعلان الهادف يشقّ طريقه إلى شاشات تلفزتنا؟ ثم إلى عقول أطفالنا وتصرفاتهم، كما عقولنا أيضاً؟..وخاصّة بعد هذا الانحدار الكبير الذي وصل إليه الإعلان، فقد باتت الإعلانات تتخّذ من المرأة، أو بالأصح من جمالها أداةً تسويقيّةً لأي منتج يراد الترويج له.

وتعود إلى الذّاكرة بعض الإعلانات القديمة التي كانت حقاً هادفةً بالمعنى الحقيقيّ للكلمة، ومنها إعلان عن كيفيّة الاستعمال الصحيح للغاز، وتقول كلماته: (لا تخلي القنينة جاري جنب المصدر الحراري وتفقّدها ولا تهملها ودوم ع سلامة بيتك داري، وفتح عينك يا حبّاب لما بيتسرّب الغاز، افتح الشباك والباب وعلى الكهربا لا لا تقرب، وبعّد كل مفاتيح الغاز بعّدها عن الأطفال والإطفاء بوقت الحاجة استدعيهن فوراً في الحال).

هذا الإعلان وغيره كثر كانوا قديماً الإعلانات الأكثر رواجاً منذ أكثر من خمس وعشرين عاماً وهي لا تقل أهمية في دورها التعليميّ والتربوي عن دور الأهل، في إرشاد الطّفل إلى العادات والتصرفات الصحيحة…فإذا عدنا إلى الوراء إلى تلك الفترة، فسنجد أنّه حتّى الإعلانات التي كانت تخصّ المرأة، وتستهدفها، كمستهلك للمادة المسوّق لها، سنجد هذه الإعلانات على قدر بسيط من إبراز المرأة كعنصر تسويقيّ لهذه المادّة أو تلك.

الإعلان الهادف الذي غاب طويلاً عن تلفزتنا، يحاول العودة تدريجيّاً إليها لكنّه بحاجة إلى يد تساعده على النهوض، فهل سيجد تلك اليد التي تعطيه الفرصة الحقيقيّة، ليكون هادفاً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى؟ وهل سيجد عوناً ليستطيع إيصال رسالته التعليميّة والتثقيفيّة إلى أبنائنا في الدّرجة الأولى؟.

م . ج

العدد 1105 - 01/5/2024