الانعكاسات الاقتصادية للأزمة في ملتقى الثلاثاء الاقتصادي

استمراراً للحوار في ملتقى الثلاثاء الاقتصادي الذي تقيمه جمعية العلوم الاقتصادية في اللاذقية حول الأزمة السورية، وبحضور جمع من السياسيين والاقتصاديين والإعلاميين، أقيمت بتاريخ 9 كانون الأول 2014 الجلسة الثانية بعنوان (الانعكاسات الاقتصادية للأزمة)، استمراراً للندوة الأولى والتي كانت بعنوان (المدخل الاقتصادي الاجتماعي) والتي أجمع فيها أغلب الحضور أن الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية لسياسات النهج الاقتصادي ما قبل الأزمة أدت إلى ثغرات استثمرت للنيل من بنية سورية وبنيانها.

في البدء تكلم رئيس الجلسة الدكتور سنان علي ديب فقال: في الظروف الاستثنائية تكون القرارات استثنائية، بحيث لا يكون البعد الاقتصادي للقرار هو الأهم، أو تكون الأولوية له، وهذا يعود إلى الرؤى والحسابات عند المسؤولين عن إدارة الأزمة، ولكننا هنا سنحاول أن نسلط الضوء على الانعكاسات الاقتصادية البحتة للسياسات التي اتخذت خلال الأزمة.

إن الأسباب الاقتصادية جوهرية وهي ركن أساسي من مسببات الأزمة، وهذا يقود باستمرارها ما دامت الأسباب لم تعالج من إقصاء واحتكار وتجاوز قوانين وتكوين طبقات لا تملك متراساً أخلاقياً وقيمياً ووطنياً بناء، وكذلك كانت الآثار الاقتصادية للأزمة كبيرة جداً.

كما راهن الكثيرون على الانهيار الاقتصادي السريع، بحصار وضربات موجعة، وتعاون أصحاب رؤوس الأموال، لكن الاقتصاد السوري صمد بشكل أثار الدهشة ورغم ذلك كانت هناك شذوذ وانحرافات بقرارات لها آثار سلبية، وأحياناً بنيوية، وتبين أن أهم عناصر الصمود هي بقايا سياسات قامت منذ الستينيات واستمرت حتى الثمانينيات وهي التي قوّت سورية ضد العزلة والحصار بتلك القدرة. لقد حصل تآمر على الليرة وعجزت الأدوات الداخلية عن محاصرة هذا التآمر، ودمر الكثير من المصانع التي كانت رافداً للاقتصاد.

لقد صرح نائب وزير اقتصادي في أيلول الماضي بأن حجم الأضرار العامة المباشرة تقدر بـ1345 مليار ليرة سورية. كما بلغت قيمة الخسائر غير المباشرة  4757 مليار ليرة سورية، وتجاوزت خسائر القطاع الصناعي العام والخاص نصف تريليون ليرة سورية، وارتفعت خسائر الاعتداء على القطاع الكهربائي إلى 270 مليار ليرة سورية، وقدرت تقارير غربية مقدار الخسائر التي تكبدتها سورية خلال 3 سنوات حتى عام 2013 بـ139 مليار دولار، منها للقطاع الخاص و43.8 للقطاع العام. وبحسب التقرير انخفض الناتج الإجمالي الحقيقي بالأسعار الثابتة لعام 2010 من 60 مليار إلى نحو 33 مليار عام 2013 وتراجعت نسبة التحصيل الضريبي بنسبة 65% ، وعجز الموازنة 6 أضعاف ما كانت عليه عام 2010 وارتفع مستوى الأسعار إلى 4 و5 أضعاف ما كانت عليه، وبلغت إيرادات الجمارك العام الماضي 53 مليار ليرة سورية، بينما كانت 89 مليار عام ،2010 وانخفض حجم عوائد الصادرات بنسبة 96% بين الربع الأول لعام 2013 مقارنة بالربع الأول لعام 2010.

بعد ذلك فتح باب الحوار من خلال مداخلات بعض الحضور المختصين.

الباحثة دنيا الياس، مهندسة زراعية. تساءلت عن الدور الذي قامت به بعض المؤسسات الدولية التابعة للبنك الدولي والأمم المتحدة، مثل إيكاردا وإيفاد، بحيث أعطيت معلومات دقيقة جداً عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي لسكان المناطق التي عملت بها هذه المؤسسات، والمفاجئ أن المناطق التي عملت بها كانت بؤراً للتمرد!

أما الباحث سهيل يونس فقد قال إنه رغم وجود الفساد لا ننسى الظروف الدولية واللعبة الأممية، كانت البنية الاقتصادية والاجتماعية في سورية متميزة مقارنة بالإمكانات المتوفرة إلى أن جاء النهج الاقتصادي الذي كان بمثابة  قطع لما قبله.

الباحث الاقتصادي علاء خزام تكلم عن التقلبات العنيفة التي حصلت لليرة السورية مقارنة بالدولار، وماهي المعايير التي اعتمدها المصرف المركزي لحماية الليرة وعدم تناسب ارتفاع السلع مع مقدار ارتفاع الدولار، وعدم مرونة الأسعار بحيث عند ارتفاعها لم تتح إمكانية للعودة إلى طبيعتها حتى لو ثبت سعر الدولار. وتحدثت المهندسة أنعام علي حول بعض النسب والمؤشرات كالفقر والبطالة ومستوى المعيشة ما قبل الأزمة والتي كانت تعاني ارتفاعاً ملحوظاً.

عبد الرزاق درجي: يجب تقوية العلاقات مع الدول الصديقة، وخاصة روسيا، وإن العدو الدائم لنا هي الصهيونية والإمبريالية، وإن فتح العلاقات مع قطر وتركيا ومحاولة فرض الشراكة الأوربية كانت ألغاماً وقعنا بها بحسن نية.

السيدة أم أيهم، والدة شهيد، تكلمت عن المعاناة التي تعانيها المشافي من نقص سيارات الإسعاف، وعدم إمكانية تشييع الشهداء بالوقت المناسب، واستفسرت عن عدم تصدي بعض الميسورين لسد هذا النقص.

وأخيراً على الرغم من قساوة الأزمة وطول أمدها وعجز بلدان العالم عن مقاومتها، ولكن كان هناك بعض الخلل وسوء الإدارة، وهو ما اعترفت به الحكومة مؤخراً.

ونفاجأ بالدور السلبي أو الساكن الذي تقوم به وزارة حماية المستهلك، على الرغم من أنها أنشئت لسد هذه الثغرات خلال الأزمة.

العدد 1105 - 01/5/2024