تساؤلات لإبعاد شبح العنف الجنسي عن المرأة

عندما ترد كلمة (عنف) يجول في فكر البعض العنف الجسدي فقط, أو ما يقع على الفرد من ضرب وتعذيب وغيره, فلا يخطر ببال البعض أن هناك أنواعاً كثيرة للعنف, مثل التعنيف باللفظ القاسي والجارح وما يحمله من إحباط في النفوس وذلّ للمتلقي, وفي سياق الحديث, لا ننسى ولا نتجاهل أخطر أنواع العنف والتعنيف,

ألا وهو العنف الجنسي, لما له من أثر نفسي سلبي على الطفل والمرأة، وحتى بالنسبة لبعض الرجال الذين يتعرضون أحياناً لمثل هذا النوع من العنف, لكن تبقى المرأة هي الأكثر تعرضاً للتعنيف الجنسي, باعتبارها في نظر بعض الرجال جسداً فقط, ووعاء لتفريغ شهواتهم ونشوتهم.

 ولكن على الرغم من نظرات بعض الرجال إلى جسد المرأة، إلاّ أن هناك نساء أشدُّ خطورة من الرجال على النساء أنفسهم, فنلاحظ أن بعض السيدات يقمن باستغلال فتيات في مقتبل العمر, وجميلات لا مأوى لديهن, منهن طالبات جامعة ومنهن من تركت بيت الأهل وأتت المدينة للعمل, قسوة الظروف والوضع المادي السيئ, جعلهن فريسة تلك السيدات ليقمن بإجبار أولئك الفتيات على الخروج مع رجال, مقابل مبلغ من المال, وما أدراك ما يمارس عليهن من عنف جنسي وجسدي أيضاً, وهنّ لا يستطعنَ التراجع لأنهنّ مرغمات على هذا  الوضع المفروض عليهن.

أيضاً لا ننسى أن المرأة نفسها, قد تكون عدوة لنفسها عندما تستسلم للرجل, مقابل النقود وتكون سلعة للعرض والطلب, والبيع والشراء بجسدها لمن يدفع أكثر, طبعاً لا ننسى كذلك أن هناك رجالاً وخاصة من أصحاب النفوذ, يجبرون فتيات على الظهور معهم, أو عرضهم على رجال من أصحاب النفوذ, لتمرير مصالح تجارية وصفقات وما شابه,
وقد تكون أحياناً تلك الجميلة هي الزوجة نفسها، وهنا لا تستطيع الفتاة سواء كانت الزوجة أو الصديقة الاعتراض, فهي مجرد سلعة، والنقود هي من يتكلم عنها, لكن يا ترى ألا يوجد أزواج يقومون بممارسة العنف الجنسي على نسائهم, من مبدأ الحق الشرعي للزوج؟ وقد نجد الكثير من الرجال يشتم واحدهم المرأة ويضربها ويهينها,
ومن ثم يمارس الجنس معها كحق للزوج على زوجته, وواجبها طاعته, لأن الشرع  والدين والقانون والمجتمع منحه هذا, حتى صك الزواج مُبرم بعقد نكاح. 
وإن تجرأت المرأة وتحدثت عن تذمرها حيال هذا الفعل, تُلقى عليها التهم بالسوء، وبالدرجة الأولى من المقربين منها, وأنها خرجت عن طاعة الزوج, بل أن هناك رجلاً آخر في حياتها, وما شابه من نعوت بحق تلك المرأة.

 ويبقى السؤال هنا: ما دور المنظمات النسائية في حماية المرأة من نفسها أولاً, ومن قريناتها ثانياً, ومن الرجل بالدرجة الأولى وخاصة الزوج, فيما يتعلق بالتعنيف الجنسي؟ وهل يا ترى سوف يكون القانون سيفاً قاطعاً لحماية المرأة من عنف الزوج الجنسي أولاً, أو أي رجل أخر ثانياً..؟
هل يلغي الأبيض فكرة الاغتصاب إذا كانت الفتاة عذراء وتعرضت للاعتداء الجنسي من رجل أقدم على الزواج منها خوفاً من العقاب..؟ أم هل يا ترى السكوت عن اعتداء الزوج جنسياً على المرأة فضيلة للمرأة حتى لا تسقط من نظر الأهل والمجتمع..؟ أليس من واجب هذه المنظمات النسائية وأيضاً القانون مدّ يد العون للمرأة ومساعدتها على معرفة واجبها وحقها الزوجي ضمن المعقول..؟
كذلك ماذا عن وسائل الإعلام التي تُعتبر المرشد الأمين، والتي تدخل إلى كل منزل،  فلماذا لا تقوم بعرض برامج ترشد الزوج والزوجة إلى العلاقة الأسرية السليمة, وخاصة في ما يتعلق بالعلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة، وما حق الزوج على المرأة وما هو واجب المرأة حيال الزواج, على ألاّ تجعل هذه البرامج من المرأة الكائن الأضعف, وواجبها فقط الطاعة لرغبات زوجها؟!

 علينا جميعاً أن نسعى لنُبعد عن المرأة شبح النخاسة, والمتاجرة بجسدها وجعلها سلعة للعرض والطلب، ولا بدّ أن يدرك الجميع, أن المرأة هي نصف المجتمع, ولا تقلّ بشيء عن الرجل وهي المكمل لبيتها وأسرتها، وإذا كان الرجل هو اليد اليمنى فالمرأة هي اليد اليسرى لبناء مجتمع سليم. 

العدد 1105 - 01/5/2024