ثقافة مدمرة تجتاح العقول.. فهل من وسيلة للمواجهة؟

 كثُر الحديث في الأعوام الأخيرة عن أعمال أدبية تشغل المستوى الأول وتكافأ بالجوائز، ليس هذا فحسب، والخبر لم يقف عند هذا الحد!! فما كان يستدعي الاستغراب حقاً هو تفاقم قيمة الجوائز والتقدير مقارنةً بقيمة العمل الأدبي المتدني والكاشف عن المستوى الفكري الأقلّ استحقاقاً لذلك كله.

فالوعي حيال الاضطراب أعلاه يُبقينا في حالة رعب ثابتة، فيما إن كان الخَطْبُ في الثقافة المتداولة والمسيطرة على جيلنا وعقولنا!! أو أن ذلك عائد إلى سوء التقييم والتقدير السامح لأعمال أدبية بالظهور، ناسياً ما قد تُحدثه من خطر وتأثير على ثقافات وأجيال موجودة، وأجيال ستوجد لاحقاً.

فما أحدثه التطور من تقدم عكسي، عَكَسَ التأثير وطريقة الاستجابة، فأبعد العديد من الشباب عن الكتاب بجلِّ ما يحتويه، كما أن غياب القارئ الجيد أسهم بظهور تلك الأعمال السابق ذكرها. فنسبة القرّاء والقراءة التي بات تدنّيها ملاحَظاً،
أفرغت الحيّز الأدبي والثقافي من أدواته ومهامه المنوطة به، وأتاحت الفرصة الكافية لانتشار ما لا يُراعى فيه قواعد ثقافية وذوقية، فضلاً عن إفلاس ثقافي واضح ناجم عن هجرة المعرفة منذ زمن ليس بالقريب، على الرغم من حضورها وإمكانية الحصول عليها بكبسة زر(عن طريق الإنترنيت)، لكن ليسوا إلاّ قلة من يفعلون ذلك.

لا شكّ أننا أمام حرب ثقافية طاغية بتوجهها نحو العقول.. فهل من سبيل لإحياء الكتاب، وتحسين المستوى الأدبي، وتعزيز الندوات والمحاضرات التوعوية حيال الهجمة الثقافية المعولمة؟؟ أمّا كيف، ومن؟ وبماذا؟!
فهذه تساؤلات في ملعب الشباب المُتَحدّر من بقعة مفعمة بالتراث الأدبي، ومناشدة القرّاء أولاً، والنقاد ثانياً، فهو نبراس التغيّر والحدّ القاضي بعدم انتشار وتضخّم مثل تلك الثقافات، رغم أننا نملك صروحاً ثقافية لا نظير لها في العالم من مؤسسات ومراكز ومكتبات ثقافية تستدعي منا الالتفاف والتعرّف بمحتواها. هذا كله نَعيه، لكن لم نعمل ليغدو حقيقة على أرض الواقع، فالتمزق الفكري الذي بدأ برفع القبعة لأعمال أدبية لا توصيف لها.. ستتوسع منه الهوة الفكرية التي تبدو عقيمة في حدودها الضيقة..

لكم يا داعمي تلك الأعمال الأدبية التي وأهواءكم سواسية (الحياة جميلة دون وجودكم في هذه المواقع يا سادة!) نقطة من أوّل السطر.

 

العدد 1105 - 01/5/2024