الإعلام المحلي ومكانته لدى المواطن والدولة

تعددت وسائل نقل الخبر أو الحدث عبر الانترنت، أو عبر وسائل الإعلام المرئية عن طريق الفضائيات على تعدد وتنوّع اختصاصاتها، أو عن طريق الإعلام المسموع، وعلى اعتبار أن جمهور الإعلام الورقي المقروء قد تقلّص اليوم،
لا يغيب عنّا أن طريقة نقل الحدث وأهميته تختلف من محطة إلى أخرى، من خلال الأسلوب في الطرح، وعنصر التشويق لجذب المشاهد أو المتلقي، وموقع الحدث ودلالته، وهذا ما يفتقده الإعلام المحلي المرئي والمسموع والمقروء الآن، إضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، فهو يفتقد إلى كادر شبابي متمرس،
لأن أغلب العاملين في حقل الإعلام وخاصة المرئي، تلعب الواسطة أو الشكل الدور الحاسم في تعيينهم، وخاصة لجهة الإناث، في تجاهل واضح للخبرة والمستوى الثقافي والأسلوب.

لذلك ترى غياب عنصر التشويق في الطرح، إضافة إلى ركاكة إيصال الفكرة، كذلك نظرة الإعلام المحلي للمواضيع المثيرة للجدل من زاوية واحدة، ما يفقد الموضوع أهميته وجديته وحيويته، ويجعل المواطن يستبق النتيجة وينصرف عنه، لأن الحديث سيكون باعتقاده عمّا هو إيجابي فقط،  وتجاهل السلبي وتجاهل وضع حلول له.

كما لا ننسى غياب روح الشباب بوجود وجوه إعلامية متكررة على الشاشة، تنال الحصة الأكبر في القناة بفضل الدعم المستتر، مع الإبقاء على أساليب قديمة بالية تؤدي حكماً لملل المشاهد،
المُحتاج لنبض شبابي يحرك القناة، وأفكار جديدة تشبه آماله وتطلعاته، ليأتي التكرار المستمر لذات البرامج وآلية العمل، ذات الطابع الروتيني وما شابه.

هنا، لا يمكن إلقاء اللوم على إدارة إعلامنا المحلي فقط، لأن تقييد حرية الإعلام من قبل الحكومة، وفرض أسلوب وآلية عمل معيّنة، إضافة لعدم توافر روح المنافسة بين القنوات والفضائيات المحلية، لأنها جميعها خاضعة لذات الإدارات.
وتحجيم الإعلامي  وخاصة المفكر، مما يجعله مقيد بطرح مواضيع على نطاق ضيق بصورة عامة، تتجسد بأسلوب بدائي في طرح المشكلة التي تغدو أشبه بموضوع إنشاء يفقد متعة المتابعة.
وللأسف فإن التسييس في إعلامنا جعله يفقد روح المغامرة وجمالية الطرح، وبات أشبه بعجوز يصارع حظه في زحمة عنفوان الشباب على صعيد القنوات والمحطات العربية والعالمية، التي تحمل روح الفكرة ومتعة الأداء ودعابة الطرح، بلغة سلسلة مطروقة لدى الجميع، ليصبح الموضوع وكأنه فكرة للنقاش بين الصغير والكبير،
طبعاً روح المنافسة تجعل الإعلام أقوى، وهذا ما نفتقده في إعلامنا الذي يخشى كل جديد، ناهيك عن التقيد بالقوانين الصارمة، وغياب مرونة النقد والرأي، وتغيب الفكرة الأساسية لأي عمل،
مما جعل المتلقي عامة يفقد ثقته بالإعلام المحلي، ليتجه لوسائل الإعلام العربية أو العالمية، ويكون أكثر متابعة لها، وهذا ما نلاحظه عندما ينقل أحدنا خبراً يقول شاهدته على قناة كذا أو سمعته من إذاعة كذا.

فلكي نعيد هذه الثقة لإعلامنا وسط زحمة القنوات الأخرى المتنوعة، ووسط الهجمة الشرسة على الإعلام المحلي، على الدولة أن تقلّص من قوانينها الصارمة على الإعلام والإعلاميين،
وأن تجعل من المواطن وهمومه محوراً أساسياً للقضايا المطروحة، كذلك المصداقية بالطرح وخاصة بالمواضيع المتعلقة بأزمة البلد، أيضاً إطلاق حرية الإعلام ليحظى إعلامنا بمنافسة حقيقية على الساحة العربية والعالمية.

العدد 1105 - 01/5/2024