كيف نــواجه الإرهـاب؟!

 تحت عنوان (صعود الإرهاب -عقائد وسياسات وتمكين التطرف) شرحت في بحث مطول، أن الإرهاب أصبح بنية لايصح تجاهل قوتها، ولا بد من تفكيكها على الصعد كافة، والقضاء عليها مهما بدا الأمر شاقاً. ولا تصح الاستقالة من المواجهة. ولكي يحصل هذا لا بد من البحث في العوامل التي استند ولا يزال الإرهاب يستند إليها في تصاعده، ففي التعرف عليها نكون قد قطعنا شوطاً مؤسساً للمواجهة يمكن استثماره في إيجاد المخارج.

وإذا كانت المؤشرات تؤكد تصاعد النشاطات الدعوية للعودة إلى الأصول، أي إنها أصولية، وقد وصفت بالإصلاحية في الكثير من الأحيان، وقد أعلنت أن أهدافها إعادة دين المسلمين إلى صحيح وجهته وإزالة ما تراكم من موانع على طريق ذلك. ومن أبرز هذه التنظيمات الوهابية في شبه الجزيرة العربية، والتي بقي تأثيرها محصوراً في المجتمع القبلي بشبه الجزيرة إلى أن أتاحت لها أموال النفط الوفيرة، تسهيل مهمة الانتشار المرفق باندفاع كبير وضجيج إعلامي، دون وعي أثر الحدة والتطرف في الخطاب الإيماني وكيفية انعكاسه على صعود الإرهاب إيجاباً.

ولارتباط الوهابية بالمجتمع القبلي، كانت مجتمعات أخرى مثل مصر تميل إلى تنظيمات دعوية تلائم ما وصل إليه المجتمع هناك من تطور نتيجة النهضة والتواصل مع الحضارة الغربية منذ فترة غير قصيرة، فكانت حركة الإخوان المسلمين هي التنظيم المناسب الذي وجد في مصر لينتشر في كثير من الأقطار العربية والإسلامية، وقد استند التنظيم كثيراً على أفكار ابن تيمية والمودودي، وقد ظهر ذلك لدى أبرز مفكري الحركة: سيد قطب. وكان لها تأثير وانتشار واسع، وقد ذكر أن بعض أبرز الضباط الأحرار الذين قادوا ثورة يوليو في مصر مثل جمال عبد الناصر وأنور السادات كانوا من منتسبي الحركة.

لقد قامت هذه الحركات بتكفير الدول والمجتمعات التي لا تجد أن نشاطاتها تنسجم مع فكرها، وانتقلت من التكفير النظري إلى المواجهة المسلحة، كما حدث في مصر منذ أواخر الأربعينات من القرن العشرين. كما لا يعدم التاريخ الإسلامي نماذج لهذه الحركات في القديم.

موجات الإرهاب ظهرت في أكثر من بلد، ولم تنقطع، وكانت سورية ومصر والجزائر من البلدان التي شهدت مثل هذه الموجات. واشتد أوار  هذه الأعمال الإرهابية خلال مواجهة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان لصالح الغرب بقيادة أمريكا، وقد أنجبت هذه التجربة ذات الأبعاد العميقة التأثير ما نلحظه اليوم من إرهاب وعنف لا مثيل لهما في الوحشية. وقد كان هذا الصعود في الحراك الإرهابي تحت الرعاية الأمريكية، ولا يزال بعضه كذلك في نظر الكثيرين، مهما حاولت هذه القوة العظمى المتغطرسة التنصل من ذلك، علماً أن الإرهاب قد أصابها كما أصاب دولاً مثل روسيا وبريطانيا وإسبانيا وأخيراً فرنسا، كما أصاب الهند… إلخ. وقد حددنا لنمو الإرهاب أربعة عوامل هي:

1- العامل العقدي: المتمثل في القراءات المرتبكة المتشنجة والمغرضة، الناتجة عن سوء فهم العقيدة واستغلال نصوص وأحداث تاريخية من أجل مفاقمة الكراهية والتطرف، ما يؤدي لانتشار العنف كحل للعلاقات المتشابكة، بدل اللجوء إلى حلول التعايش التي تستند إلى نصوص واضحة.

الحدّ من القسوة والوحشية كسبيل لحل المشكلات الناتجة عن سوء فهم، يتطلب تضافر جهود على المستوى السياسي والإداري والعقدي أيضاً، كأن يمنع أن تكون وسائل الإعلام، خاصة الحديثة، ومنابر الخطابة في المساجد،  منابر لتمكين التطرف في المجتمع، وهذا في مقدور السلطات الدينية والسياسية، مثلما في مقدورها الإشراف الدقيق على مناهج التعليم على المستويات كافة، حتى العليا. ومن الأمور المنوطة بها تنظيم أمر الفتوى الدينية وحصرها بجماعة لا بفرد، وبمن يوثق بقدراتهم واعتدالهم وتسامحهم، وأن يكونوا من أنصار العقلانية المتمتعين بالقدرة على التدقيق فيما يخص الحياة الاجتماعية وتعايش الفئات المختلفة والاعتراف بحق الآخر.

وهنا يمكن الاعتماد على الكثير من الأبحاث الرصينة والجهود الصادقة التي قدمت فهماً للنص الديني لا يفرط بأحكامه، ويبعده عن التشنج. وهنا يجب عدم التعويل على الحلول السريعة التي تأتي عن طريق القرارات والأوامر، إذ أن الأمر يتطلب الحكمة والصبر والمماحكات الضرورية التي تضع المسألة على طريق الحلول المتسامحة والمسؤولية البعيدة عن العنف والفوضى.

2- فشل الدولة الحديثة: لقد كان أمل الأجيال المتجددة ذات التواصل مع شعوب العالم عبر قنوات عدة منذ أكثر من قرن، خاصة بعد نهاية حقبة الاستعمار التقليدي بعيد الحرب العالمية الثانية، فقد استبشر الناس ونهضت فئات وطنية تواصلت مع قوى التحرر العالمي ورفعت شعارات حالمة تلقفها الناس ورأوا في تحقيقها خلاصهم. لكن عدم تجاوز العقبات كان يفاقمها في كل مرة ويؤدي إلى انقسامات وتناحرات تعيد الحراك السياسي إلى حالة البداية المتمثلة بانقلاب جديد يعلن زعيمه إلغاء ما مضى ويدشن بدء التاريخ من جديد، مانعاً التراكم الذي يؤدي إلى ترسيخ الخبرات والقدرة على تجاوز الأخطاء والأخطار.

لقد بدت الدولة الحديثة فاشلة أمام مسألة التنمية، وأمام مسألة الحريات وأمام الأشكال الجديدة للنشاط الاستعماري، وأمام مواجهة الفساد وأمام إرساء وحدة المجتمع وتلافي تمزقاته الوشائجية، وأمام الوحدة العربية والعدالة الاجتماعية، وغير ذلك. وكانت البدائل في مواجهة المطالب بكل ما مر، هي قمع الحريات واختطاف الأدوار حتى بدا الاستبداد قدراً محتوماً يرعاه الفساد..إلخ.

إن الدولة التي تعلن انتماءها إلى الحداثة يجب أن تكون قادرة على الخلاص من مظاهر الضعف هذه، التي تكون ضحيتها الفئات الفقيرة والبسيطة في المجتمع، ممن لا حيلة لهم في الخلاص، ما يجعل الضغائن، وحب الثأر من هذا الواقع الذي أودى بآمالهم وجعلهم يتنقلون من السيئ إلى الأسوأ، بدل الانتقال إلى الأفضل ولو جزئياً وببطء تزداد في نفوسهم، لكن تفاقم الأزمات وانسداد الآفاق ينتج تفاقم الغضب الذي قد يتحول إلى عوامل مساعدة للانتقام مما أوصلهم إلى ماهم فيه، وفي هذه الحالة يذهبون إلى الأسوأ ويرون كل البشر أعداءهم خاصة عندما تكون العقائد المتشددة ملاذهم، بدل اجتراح حلول أخرى.

لذلك يبدو بناء الدولة الديمقراطية المحققة للعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص أمام المواطنين هي الفرصة والدور الأهم لقطع الطريق على الإرهاب، ونفي مرتكزاته السياسية والفكرية التي ينمو في مناخها، ويظهر في نظر المنخرطين فيه، هو سبيل الخلاص المعتمدة بمشاريع القتل والدمار.

3- الدور الاستعماري المستمر: لم تتراجع أطماع القوى الاستعمارية التي غزت بلداننا مع مغادرة جيوشها لها، بل إن ما تغير هو أسلوب الاستغلال لخيرات هذه البلاد ربما. ففي حين كانت تعتمد القوة العسكرية الصلبة، استطاعت التأسيس لبنية التبعية فألحقت بلادنا بها عن طريق السياسة والثقافة والتكنولوجيا والمنظمات الدولية وفرض الهيمنة والحماية وإثارة النزاعات والعداوات والتفرقة بين الإخوة، مثلما أوجدت أعقد وأسوأ جريمة في التاريخ وهي المتمثلة باغتصاب فلسطين، دون أن تتراجع عن استخدام القوة العسكرية لمساندة تنفيذ مشاريعها. كما حدث ويحدث من العراق إلى ليبيا، وتمكين إسرائيل بإضعاف الآخرين.

وببدء المرحلة الثالثة من المد الاستعماري عبر ما يعرف بالعولمة أبرزت مشاريع عبر مقولات اعتبرناها بداية من قبيل (الفانتازيات الفكرية) قبل أن نرى أنها خطط لتمكين السيطرة الغربية، وبعد أن سخرنا منها وكان تعاطينا معها على مستوى التحليل الفكري فقط تبينا أن نهاية التاريخ وصدام الحضارات والشرق الأوسط الجديد الكبير ما هي إلا مشاريع قيد التنفيذ، عبر إثارة الفوضى الخلاقة التي لا يثيرها غير القادر على إدارتها واستثمارها، وكنا الوقود لها، مثلما كنا الهدف أيضاً. وقد كانت المسألة العقدية مثلما كانت الوعود بالديمقراطية، فإذا بالمكونات التي تعايشت على مدى القرون العديدة الماضية، يقودها الصدام إلى إعلاء الأسوار الناشئة عن العقائد، طائفية أو مذهبية.

ولكي يبرز المشروع في صورته التي يرسمها الغرب، ها هو الرئيس الفرنسي يدعو مسيحيي الشرق للهجرة إلى أوربا لتفادي الموت، ويكون بذلك صدام الحضارات قد صنع العالم على النمط الذي خطط له الغرب وأصبح نبوءة متحققة بالاشتغال على تحققها.

الخروج من حالة التبعية للغرب أمر منوط بأجيال الشعب المتجددة، والتأكد أن القيادات والسلطات التابعة له تحت وهم حمايتها وديمومتها مقابل تأمين مصالحه، هي قيادات أساءت إلى بلدانها وشعوبها ووضعها تحت وصاية الخارج، ولا بد من الخروج من التبعية مهما كانت التضحيات، وعلى الشعوب تقديم نخبها بديلاً للحكام والأسر أو القوى التابعة، وهذه مهمة ملحة يجب أن تحسن الشعوب القيام بها، بعد التنبه أن لا مقدس للقوى المهيمنة سوى مصالحها المتمثلة بنهب ثروات الشعوب الضعيفة بالقدر الممكن بعد القبض على الطاقات والعقول وإبقائها أسيرة الوعي الذي ينتجه الخوف، أي خوفنا من بعضنا ونحن في حالة تذرر وشقاق إثني طائفي مذهبي مناطقي… إلخ، وهذا يسهل ديمومة الإرهاب وديمومة استدعاء الغرب للقضاء عليه، وهو لن يفعل ما ظل هذا الإرهاب وغيره مسمار جحا يسمح له بالتدخل في شؤوننا مثلما يسمح له بالاستبداد، إن المخرج قيد حراكنا العقلاني وقدرتنا على السيطرة على مواردنا وتوجيه طاقاتنا التي لن تكون في خدمة الغرب إلا بمقابل مواز وراجح لصالحنا.

4- المسألة في إطار ثقافي: الواقع المشار إليه، تحول إلى بنية ثقافية قادرة، يحتاج التعاطي معها إلى نشاطات مدروسة قوية ومستمرة من أجل تغيير عقلاني لبنية هذه الثقافة ربيبة العقائد والتراث، وهو أمر في غاية العسر نتيجة التراكم وعدم تشكل البدائل عبر المستورد الحداثي غير المنفصم عن حالة التسيد الاستعماري والتغطرس الغربي الإمبريالي، يضاف إلى ذلك الضعف في توليد البدائل نتيجة القصور الحضاري، ما يجعلنا أسرى للتراث أو للغرب، وكلاهما ذاهب بنا إلى الأسوأ. بالتالي نحن أمام عقديات أو أيديولوجيات متصارعة لا تفسح للانفراج حيزاً، وتبقى الفئات في خنادقها (أقوام، عشائر، طوائف، مذاهب) وقد انتقلت العدوى إلى تنظيمات الحداثة، وهذا الأمر لا ينتج إلا ما هو معيد لإنتاج الإعاقة.

وهنا سألفت إلى مسألة لا بد من الخروج منها، وهو شعور المظلومية لدى بعض الفئات الإثنية أو العقدية، وذلك بتغليب مفهوم المواطنة، فالفئات القومية في الوطن العربي وبفعل غياب ديمقراطية حقيقية، بقيت تشعر بالظلم والاستعباد، والأرياف تشعر بالمظلومية تجاه المدن، والفقراء يشعرون بها تجاه الأغنياء بالتأكيد عبر طبقية المجتمع المقيتة. لكن المظلومية التي ساهمت وتساهم في إنتاج الصدامات المتحولة إلى الإرهاب، هي مظلوميات عقدية غير حقيقية، لكنها تبنى على أساس الفرقة الناجية والإسلام الأرثوذكسي، أنا على حق وغيري مبطلون وإلى الهلاك.

فالمظلومية الطائفية هي شعور الأقليات الدينية غير الإسلامية في وسط إسلامي ممتد، يجعلها تشعر بقلة الدور والقيمة واللاجدوى، (مع رفضي الشديد لمصطلح أقلية في الوطن فالجميع مواطنون)، وقد أبرزت الأحداث الأخيرة ذلك بفعل وجودها، لأن النظم القانونية والتوجهات السياسية تساير الأغلبيات دائماً، مع أن الديمقراطية المفتقدة تعني (حكم الأكثرية مع ضمان الأقليات) كما عبر عنوان كتاب آلان تورين.

لكن المظلومية التي بدأت تصنع الإرهاب هي مظلومية مذهبية إسلامية داخلية، والغريب أنه بدل أن تشعر الجماعات القليلة بهذه المظلومية، فإن الفئة التي تشكل الأكثرية المطلقة من المسلمين دون منافس على امتداد العالم الإسلامي هي التي يريد بعض رجال دينها إقناع العامة بأن حقها ضائع ومهدد، وأن الإسلام في خطر ماحق.

هذا الشعور بالظلم بدأ يتفاقم في ظل شعور غير حقيقي أن الإسلام الأرثوذكسي مهدد، وعلى من يرون أنفسهم أكثر عقدية وولاء للفئة المذهبية الغالبة، والذي يشعرون باغتصاب حقوقهم تحت ضغط التحريض، وضرورة حيازة كل صغيرة أو كبيرة دون غيرهم من الفئات العقدية الأخرى كي يعملوا على رد الظلم، وهذه حالة ثقافية يشدد عليها السلفيون الأصوليون من وهابية وإخوان مسلمين وغيرهم، ومن لم يعمل على رد الظلم فهو ظالم وخارج على صحيح الدين، والأسوأ أن رد الظالم يتبعه إعلان الجهاد الذي جرى اختصاره إلى القتل وإراقة الدماء، بل وإلى مزيد من السادية والوحشية لدى الأجيال المتناسلة والمتعاقبة من الإرهابيين ممن هانت لديهم حياتهم وحياة الآخرين. والغريب أن نسمع في هذا العصر من ينادي (بالذبح جئناكم).

لكن مبدأ الإنصاف يقتضي القول إن هؤلاء هم شواذ هذه المذهبية، وأن الغالبية أياً كان هواها، هي تلك المشغولة بحياتها يحدوها إيمان هادئ متسامح وتسود بينها وبين الآخرين مشاعر الألفة والمودة، لكن سلبية هذه الأكثرية تشعر الأقلية المتشنجة بصحة موقفها، إذ على هذه الأكثرية أن تقف الموقف الذي يتطلبه منها الإيمان الحقيقي المتسامح والذي ينفي العنف ويرفض القتل والتجييش وزيادة العصبية، كي لا تكون هي الضحية للمتشددين كما تشير النذر المتراكمة، فهؤلاء يقرنون بين الكفار والمتهاونين مع الكفر الذي يعتقدون أنهم يواجهونه.

الصورة التي يقدمها الإرهاب، تقتضي من المؤمنين الحقيقيين العمل على إعادة الرونق للإسلام، كما يقولون إنهم يفهمونه ويعتقدونه، وإزالة الظلم عمن غرقوا بالخوف والتطرف والدماء. فجهد هؤلاء هو الذي يخرجنا من هذه الحالة، وليست دموع الغرب غير الحقيقية وجهده غير الفاعل، مع التأكيد أن دوامها فيه خدمة للغرب وإدامة سيطرته واستنزافه لبلادنا، فهو مصدر السلاح لكل الأطراف وبدوام الحالة يضمن دوام قدرته على التدخل، وإذا لم يفعل فقد يسارع من اعتبروا أصدقاءه إلى استدعائه، وهو راغب بذلك حتى لو أظهر الكره والتبرم بهذا الدور، لكنه ما إن يقضي أو يساهم في القضاء على حالة مقلقة تعاني منها، حتى يترك البلاد تعاني من حالات قلق أشد وفوضى عارمة كما حدث في العراق أو ليبيا، وكما يجرب في إدامة الحرب في سورية.

إننا جميعاً مدعوون إلى نشر ثقافة التسامح بين جميع الفئات العرقية الأقوامية أو القبلية أو الطائفية والمذهبية، بل أكثر من ذلك، مدعوون إلى (الخروج من ثقافة الترادف) وإبعاد من عودونا على الترادف على نهجهم القاتل من قادة وزعماء وشيوخ الفئات المذكورة. بل نحن مدعوون إلى (تمكين ثقافة الاعتراف) أي أن نعترف كل منا بالآخر، وبعضنا بالبعض الآخر وبحقوقنا وأدوارنا وواجباتنا وحصصنا كأفراد وجماعات وطنية، للخلاص من التنابذ والتنافر، نحن مدعوون للانخراط في ثقافة العلم والإنتاج لبناء أوطان جديرة بالمنافسة. مدعوون لإنتاج ثقافة لا تساير التشدد في أي مجال سوى حب الوطن والإخلاص له، سواء كان ذلك بتحريض على التزام صحيح الدين فيما لا يخدم هذا الصحيح التشدد بلباس المرأة وسجنها إلى الانخراط في جهاد ليس جهاداً على الحقيقة. مدعوون إلى نسيان مصطلحات الكفر والردة وأمثالها، فمن يحاسب الناس على أمثال ذلك هو خالقهم لا غيره، ولا وصاية لأحد في هذا المجال، فلماذا التحريض للجاهلين؟!

إن أهمية نشر الثقافة العقلانية العلمانية في المجتمعات المنقسمة، والتي لا تنطلق من موقف العلمانية الصلبة، بل تلك التي تشيع الطمأنينة بين المختلفين وتساهم في التواصل مع شعوب العالم إضافة لما تشيعه من حالة استرخاء وتسامح داخل بلادنا، هي أحد الردود الهامة على ما تريد ثقافة منتجة للإرهاب أن تنشره في مجتمعاتنا المتنوعة.

العدد 1105 - 01/5/2024