هل الرصيف لي؟!

تحولت عدة ظواهر في دمشق من ظواهر استثنائية إلى عادة دائمة وسيئة لا نجد لها تفسيراً سوى غياب الرقابة من مختلف الجهات المعنية، منها غزو السيارات لأرصفة المدينة، فقد استحالت الأرصفة إلى أماكن لركن السيارات، فلا يوجد وازع يردع السائقين عن اقتحامها، واستخدامها مرآباً.

فمشاهدة السيارات تكسو أرصفة دمشق بات مشهداً عادياً، بل أكثر من ذلك، ولا أبالغ إن قلت إن هناك من اعتبر الرصيف في إحدى لحظات اللامبالاة شارعاً عاماً لعبور سيارته الخاصة، وبسرعة عالية وهو يصرخ وينهر المشاة الذين يمارسون حقهم الطبيعي في السير على الأرصفة المخصصة لهم، ولكنه أصبح حقاً مسلوباً،
وأصبح الكثير من المواطنين يفضلون المشي في الشارع عوضاً عن الرصيف، لما فيه من سيارات مركونة عليه بكثافة، مما دفع ببعض الأشخاص إلى ترك قصاصة ورق صغيرة مدون عليها عبارات تأنيب ساخرة لصاحب السيارة، تعبر عن حجم استيائهم من هذا التصرف الذي يعرض يومياً حياة الآلاف للخطر بسبب عدم سيرهم على الأرصفة المخصصة لهم،
فالزيادة الكبيرة بأعداد السيارات الموجودة في دمشق سببت أزمة لا يستهان بها، فالكل يرغب بإيجاد مكان لركن سيارته بالقرب من عمله أو سكنه، فهناك من كان يملك سيارتين فاختار أن يستعمل واحدة فقط،
وآخر سافر إلى خارج البلاد وخلف وراءه سيارته التي أمّنها عند أحد أقاربه، وذاك يفضل استعمال وسائل النقل العام بدلاً من سيارته، بسبب غلاء أسعار البنزين، ولكن طبعاً هذا لا يبرر احتلال السيارات للأرصفة واعتبارها كراجاً خاصاً.

من المؤكد أننا لا ننكر أن الجهات المعنية اتخذت بعض الإجراءات للحد من تفشي هذه الظاهرة، ولكنها سرعان ما عادت وأهملت هذا الموضوع.

فإلى متى سنبقى نجمّد بعض القوانين ولا نطبقها، التي وضعت أصلاً لتحافظ على حياة الناس وتحميهم من تمادي البعض؟ وإلى متى ستستمر الجهات المسؤولة بتجاهل هذه الحالة المنتشرة بشدة؟
فهي لا تختلف كثيراً عن ظاهرة البسطات التي سبق أن اقتلعت بقوة وأزيلت بوقت قصير، لذلك نحن نطالب الحكومة السورية باتخاذ إجراءات سريعة وقاسية بحق كل من يعتبر الرصيف العام موقفاً خاصاً.

إنها مسألة توضح حجم التراجع في مستويات حفظ النظام وتنفيذ القوانين، وتكشف عن مدى افتقاد البعض للحس المجتمعي.

نطالب بردع من يحتل الأرصفة، حفاظاً على أرواح المواطنين.

 

العدد 1105 - 01/5/2024