سوق سوداء.. بسلع بشرية

تطبيقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم68/192 لعام 2013 الذي اعتبر يوم 30 تموز يوماً عالمياً لمناهضة الاتجار بالبشر، على اعتبار أن الاتجار بالبشر ثالث تجارة غير مشروعة في العالم، لما تمثله من انتهاك لحقوق الإنسان، بوصفه سلعة تُباع وتُشترى، فضلاً عن استغلالها للفئات المستضعفة من البشرية وبصورة خاصة (النساء والأطفال).

فهذه الظاهرة أضحت أكثر خطورة، وهي تجني مبالغ طائلة للعصابات المنظمة لهذه الجرائم، والدافعة بهم بلا رادع للإضرار بالبشر وإزهاق أرواحهم، والأمر الذي يشير إلى خطورة هذه التجارة المبتذلة هو تعاظم حجم ضحاياها تماشياً مع الأوضاع الراهنة، والحالة السياسية الهشة وتدهور الاقتصاد ومحدودية السيطرة القانونية.

فأشكال الاتجار بالبشر ككل هو كتلة يستحيل تجزئتها وتصنيفها، سواء من حيث الخطورة أو الإسقاطات المحدثة من جراء تفشيها في المجتمع أو نسب الانتشار، لكن بالتركيز على الفئات الأشدّ ضعفاً (النساء والأطفال) كانت حالة الاتجار الجنسي والدعارة هي الأجدر بالذكر.

فالاضطرابات التي طال أمدها استهدفت الفئتين بطريقة قسرية فرضتها الأوضاع الدونية والفقر الفكري وغياب الجهات الداعمة للمرأة والطفولة، والانتشار الواسع للمستغلين على بقعة سادتها شريعة غاب عززت الاتجار بالفتيات القاصرات وتشغيلهن ضمن شبكات دعارة مقابل الإيواء أو مبالغ مالية ضئيلة.

فضلاً عن استغلال الأطفال جنسياً من قبل المنحرفين والممارسين للجنس ضمن حالته اللاطبيعية (كالتحرش). مقابل ما تقدم ذكره أيضا، وما حملته الآونة الأخيرة من لجوء وهجرة وتشتت مجتمعي، ساعد عصابات الاتجار في التنفيذ، سواء بالإكراه أو عن طريق استغلال ضعف هذه الفئة.

وضمن الحدود السورية لوحظ تراجع في دعاوى الدعارة في المحاكم، لكن وإن بدا ذلك غير حقيقي علينا التقبّل لا الاستنكار، فقد بتنا في مجتمع ليس بالمثالي، وبما أن جريمة الاتجار بالبشر ظاهرة دولية، كانت سورية الأقل اتجاراً بالبشر، بناءً على التشريعات الجنائية النافذة في هذا المجال، كما أن العديد من البلاد التي تعرضت لحرب مشابهة للحرب في سورية، يصيبها الانهيارات والتجاوزات في النظم الأخلاقية، إلاّ أن الوعي الثقافي والهالة الأخلاقية المحيطة بالشعب السوري حالت دون تضخم جرائم الاتجار بالبشر.

العدد 1105 - 01/5/2024