المساعدة الروسية لسورية تعيق الخطط الأمريكية لـ«تغيير الحكومة»

 مُنيت الخطط الأمريكية الأطلسية لـ(إسقاط) الحكومة السورية والاعتراف بنظام مختل وظيفياً من المتعاونين مع الإمبريالية بنكسة جدية.. بذريعة قتال القوة الإرهابية المسماة (داعش) جرت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) 13 بلداً آخر إلى غارات قصف وأعمال عسكرية في سورية، وبتنسيق أمريكي قامت قاذفات من بلدان منظمة حلف شمال الأطلسي (بريطانيا وفرنسا وتركيا وبلجيكا وهولندا) بعمليات عسكرية في سورية في العام الماضي، إضافة إلى ذلك استخدمت إسرائيل وقطر والإمارات العربية والسعودية والأردن والبحرين وأستراليا طيرانها لقصف سورية. تعبّر هذه البلدان كلها عن خيبة أملها، لأن داعش استمر في النمو، وكلها مصممة على (إسقاط) الحكومة في سورية، وفي هذه الأثناء دمرت هذه الحرب المفروضة من الخارج الشعب السوري، وتحول 12 مليوناً من أصل 23 مليون سوري إلى نازحين ومشردين.

نوقشت منطقة الحظر الجوي والأعمال البرية في كل بلد تقريباً، ولكنها واجهت معارضة شديدة في أوربا الإمبريالية والولايات المتحدة. ولكن التدمير مازال في بدايته.. ينشط في سورية إرهابيون من ثمانين بلداً، من ضمنهم مرتزقة منظّمون في ألف جماعة معارضة مسلحة تضم أكثر من مئة ألف مقاتل إرهابي ومتعصب.

ليس سراً أن النقود السعودية تجهزهم وتدفع لهم.. هناك وحدات تعمل جهاراً من قواعد في تركيا والأردن، وتقوم قوافل من مئات الشاحنات بإعادة إمداد هذه الوحدات، ولكن على الرغم من كل هذه المساعدة، أخفقت هذه القوى المأجورة في (إسقاط) الحكومة السورية.

كان القصد من مناطق حظر الطيران التي يجري النقاش من أجلها إقامة منطقة آمنة لجيش معارض تنظمه الولايات المتحدة كي يبني قوته، وسيرمى عشرات آلاف اللاجئين السوريين في هذه (المنطقة المحمية). أعلنت آلة حرب البنتاغون وشركاء المؤامرة من حلف شمال الأطلسي في عام 2011 منطقة حظر طيران في ليبيا من أجل التفويض بسبعة أشهر من قصف عديم الشفقة لذلك البلد، ما أدى إلى الإطاحة الوحشية بالحكومة الليبية، وهذا ما عجزوا عن تكراره في سورية.

مساعدة روسيا وإيران: تغيير اللعبة

وسط كل هذا التدخل الخارجي، تدخل روسيا وإيران الحرب، فتثير الضربات الجوية الروسية على داعش فجأة احتجاجاً وصراخاً مفرطاً بين الإمبرياليين، وهذا لأن كلاً من روسيا وإيران إلى جانب قوات حزب الله اللبناني، تهدف إلى الدفاع عن سيادة سورية، وليس (إسقاط) الحكومة السورية، إذ أنهى دخول روسيا الحرب الخطط الغربية لإقامة منطقة حظر طيران في سورية.

كشفت مقالة في صحيفة (نيويورك تايمز) في 8 تشرين الأول الماضي عن تفكير واشنطن والاتحاد الأوربي وراء التغطية الواسعة التي خُصصت لأزمة اللاجئين وخيبة أملهم الكبيرة الآن، بسبب مساعدة روسيا لسورية.

أبطل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخيارات الغربية التي قد تهدد الحكومة الحالية في دمشق. بدأ التدفق الكبير للاجئين، والناجم عن النزاع السوري، يشغل عقول الأوربيين بالتركيز على كيفية حل المشكلة الأساسية. إذ بدأت بريطانيا وفرنسا والأردن وتركيا وواشنطن أخيراً وبعد طول انتظار الحديث بالمناقشة الجدية حول إقامة ما تسمى بمناطق حظر طيران فوق سورية.

كان القصد من تلك المناطق هو إنشاء مناطق آمنة داخل سورية لقوى معارضة ولآلاف النازحين، ما يقلص تدفق اللاجئين. والقصد من التكتيك هو منع القوى الجوية السورية من مهاجمة المتمردين وأنصارهم المعارضين للحكومة السورية التي كانت تفقد الأرض باستمرار، واعترف مسؤولها بنقص القوى البشرية.

إن وجود الطائرات الحربية الروسية المتطورة والأفراد الروس على الأرض يجعل من المستحيل تقريباً على الولايات المتحدة وحلفائها المجازفة بمنطقة حظر طيران كهذه.

هل يوجد وضوح أكبر؟

تكشف المقالة تفكير واشنطن والخطط العسكرية للحلف الأطلسي، وهذا يضع في المنظور أيضاً وابل الإعلام الشركاتي الذي فجأة بدا متعاطفاً جداً مع موجة اللاجئين اليائسين.. كان المفروض أن يعطل تدفق اللاجئين المقاومة في أوربا ويشجع الانخراط الأطلسي.

على الرغم من كلمات دبلوماسيين أمريكيين تحث على التعاون مع القوى الروسية والإيرانية، فإن التعاون غير محتمل، لأن أهداف الجانبين متعارضة تماماً، لاتزال الولايات المتحدة والقوى الغربية مصممة على السعي إلى (تغيير الحكومة) في سورية. أما روسيا وإيران فتعرفان أن سيادتيهما واستقرار المنطقة كلها مرتبط بقدرة سورية على الدفاع عن نفسها ضد إخضاع على النمط الاستعماري.

كان رد الولايات المتحدة زيادة شحن المعدات إلى قوى رجعية مختلفة وتصعيد المواجهة.. الطريقة الوحيدة لحل هذه الأزمة هي بالنسبة للولايات المتحدة والناتو، ومن ضمنه تركيا وممالك الخليج، الخروج من سورية والبقاء خارجها.

*************

سارة فلوندرس

المدير المشارك لمركز العمل الدولي

(زارت دمشق مرتين في السنوات الأربع الماضية مع وفود التضامن ومقاومة سورية للعدوان الإمبريالي)

عن جريدة (ووركرز) الأمريكية

العدد 1107 - 22/5/2024