ماهية الجنس

الجنس بما يحتويه من مفاهيم هو جوهر الوجود، إنه معنا على الدوام، وفي كل مكان، إنه حاضر حتى في المكان الذي لا يرغب أحد برؤيته فيه.

وعلى اعتبار أن الجنس ضرورة وجودية للنوع البشري المُحكَم بعقل سليم وفطرة سوية، وضمن المجتمع القاطنة فيه أغلبية البشر بوجه عام، والمجتمع المحيط بوجه خاص، كان للحياة الجنسية خطوط حمراء نختبئ خلفها كممارسين بطريقة عبثية محاطة بهالة الـ (لا يَجوز) والمحرمات.

فما يحدده مفهوم الحياة الجنسية كممارسة فعلية يتطلب وجود طرف آخر ضمن سلوك جنسي، كان علينا أن نفهم لماذا دُنس الجنس إلى هذا الحد!!!

بالتطرق  إلى تلك الخلية الصغيرة (الأسرة) وإلى ما تقدمه للفرد منذ صغره من مصطلحات محرمة للأفعال دون الإجابة عن سؤال (لماذا؟)، جعلت الطفل متوجهاً بعقله الخالي المتقبل، إلى خارج محيط الأسرة بحثاً عن إجابات لتساؤلاته، والمحيط أيضاً لم يكن خادماً لتلك التساؤلات، بالطريقة المناسبة والصحيحة، فبالحالة القمعية لأي فعل بشري وبالطريقة الرادعة، دون التحذير أو التوضيح عن السبب في المنع، نشأت مفاهيم عدة عن الحياة الجنسية، اختلفت من فرد إلى آخر ومن مجتمع  إلى آخر، توجهاً للمرحلة الأكثر خطورة ألا وهي مرحلة الاضطراب، والتغير البيولوجي والفيزيولوجي ومفهومها الرائد عن الجنس كسبيل للذة، كانت الأضرار جسيمة للغاية، فضلاً عن الاختلال في المفاهيم والاتباعية الجنسية غير المتوافقة مع التركيبة البيولوجية، والإساءات الجنسية المرئية وغيرها، من أفعال دافعها اللذة وحاكمها اللاعقلانية.

ودون الخوض في التنكيل وتسليط الأضواء على تجاوزات الشباب بدافع الجنس، كان لا بدّ من إحكام القبضة على الأسرة والمناهج التلقينية لا التثقيفية، والبعيدة كل البعد عن مفاهيم الثقافة الجنسية وضرورتها، فمن ملامسة الحاجة إلى إرادة المعرفة حول التكوين البنيوي للفرد وتشخيصه، كإنسان مُسيّر بمعرفته لا بقمعه لاستعمال المتعة، ورعاية الذات بتلبية احتياجاتها وإدراك مكامن القوة فيها، ومميزاتها الجنسانية والجنسية على حدٍ سواء.

فالعصور الحديثة المكافحة من أجل تحرير الجنس على اعتبار أنه فكرة معقدة، وبناءً على الكيفية التي يتعامل بها الأطباء ورجال الدين والاجتماع مع هذه الظاهرة على أنها ظاهرة جنسية، لابدّ من الإعلان عن المصطلح الجنسي كأسلوب حياة، ينبغي التأسيس له منذ الصغر تجنباً لحالات الشذوذ بين الرجال والنساء، والتفكك الأسري والمجتمعي، وذلك عن طريق تقويم السلوك وإيجاد رعاية بديلة عن الرعاية الغوغائية تلك.

العدد 1105 - 01/5/2024