عجّلت الرحيل

 أبو شفيع.. رجل على مساحة الوطن.. عرفتك قبل أربعين عاماً شاباً متوقداً وتفيض بالحيوية والنشاط، حملت هموم الناس قبل أن تحمل همومك، آمنت بأن الحياة جديرة بأن تعاش.. جمعت في الممارسة بين القول والفعل.. كان لاسمك فيك نصيب، وكان فيما تكنّيت به (أبو شفيع) شفيع لك ولغيرك.. كان لطيفك الواسع حضور سياسي في المكتب السياسي، وكنت صحفياً في رئاسة تحرير جريدة (النور)، وأدبك أهّلك لتكون عضواً في المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب العرب.

كان لـ(خيط من نور)  في الصفحة الأولى من جريدة (النور) نور تضيء درب من ضلّ الطريق، تطالع به القارئ كل أسبوع.. حملت فكراً نيراً، وبقيت أميناً على مبادئك طوال حياتك رغم المتغيرات والمنعطفات الحادة، ولم تضلّ الطريق، وكان الهدف أمامك واضحاً.. كنت وطنياً بامتياز، وأدركت منذ اليوم الأول عبء الحدث وحجم الخطر الذي يتعرض له الوطن، فكان لك الموقف الواضح والصريح، والتحليل الدقيق لما يجري، وعبرت عن ذلك بصراحة السياسي والصحفي والأديب، واستخدمت كل العبارات التي تبرهن عن صوابية موقفك المبنيّ على صدق الانتماء.

أبا شفيع، لم أكن أعلم بأن الساعتين الأخيرتين اللتين قضيتهما برفقتك أثناء قيامنا بزيارة إلى أحد الرفاق في مشفى المجتهد ستكون آخر ساعات اللقاء، لذلك كان وقع الفراق صعباً وحمله ثقيلاً.. عذراً أبا شفيع، لقد خانتني الحروف، وغابت عن ذاكرتي الكلمات.. أبا شفيع.. الحاضر دائماً، عجّلت الرحيل! فلماذا؟!

العدد 1105 - 01/5/2024