ثورة المصرف المركزي

تترقب الولايات المتحدة بحذر الوقوع في خطر ما يسمى الهاوية المالية، التي تعرف بأنها الانخفاض الحاد في عجز الموازنة، إذا لم تتخذ الإجراءات المناسبة قبل نهاية العام الحالي. فهي مصطلح يطلق على الآثار الاقتصادية الناتجة عن زيادة الضرائب وتخفيض الإنفاق الحكومي، وانعكاسها على خفض عجز الموازنة.

وقد صرح رئيس الاحتياط الفدرالي الأمريكي أنه سيبقي أسعار الفائدة قريبة من الصفر حتى يهبط معدل البطالة الأمريكية إلى أقل من 5,6% (المعدل حالياً 7,7%)، وبذلك يكون المصرف المركزي قد ربط أسعار الفائدة بالاقتصاد على نحو غير مسبوق. أما مارك كارني المحافظ الحالي لمصرف كندا والمحافظ المترقب لمصرف إنجلترا، فقد أصبح مناصراً لسياسات أكثر راديكالية تستهدف مستوى الناتج المحلي الإجمالي الإسمي.

هذا التحرك يدلل على الثورة الهادئة التي تجتاح المصارف المركزية. ورأي لينين في المبتكرات النقدية الأخيرة، هو: (إن أفضل طريقة لهدم النظام الرأسمالي هي بإفساد عملته).

 

في دولة ما: لقد فشلت السياسة النقدية وتصريحات واضعي السياسة النقدية في التخطيط لتعافي اقتصاد دولة ما، والحفاظ قدر الإمكان على سعر صرف مستقر، رغم تكرار السياسة النقدية ذاتها في بداية الأزمة وحتى اليوم والتي لم تُجدِ نفعاً. ورغم تطور الأحداث وتسارع المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية، ما زال مصرف دولة ما المركزي ينهج نفس السياسات ويصرح نفس التصريحات (سيقوم باتخاذ إجراءات رادعة جداً بحق المخالفين والمتلاعبين، يتخذ خلال الأيام القليلة المقبلة إجراءات عدة سيكون لها أثر مهم في تحقيق الاستقرار لسعر الصرف، تطبيق إجراءات تدخلية في سوق الصرف وإلحاق خسائر فادحة بتجار العملة وقوى السوق السوداء، …… وقس على ذلك).

في دولة ما، قُزِّمت السياسة النقدية بسعر الصرف ودعم القوة الشرائية لعملة دولة ما، علماً أن سعر الصرف هو مؤشر لقياس قوة الاقتصاد وصدقية السياسات الاقتصادية. ولم يستطع المصرف المركزي في دولة ما، من خلال سياساته النقدية المتبعة، أن يستهدف معدل البطالة المرتفع أو الناتج المحلي المتهاوي، أو أن يحدث ثورة نقدية هادئة تجنب البلاد مخاطر التعرض لانهيار اقتصادي (أو هاوية مالية إن صح التعبير)، وتقلل من حجم الخسائر المحتملة الوقوع، وتكون مقنعة ومفهومة للساسة والعامة حتى يمكن التعامل معها بإيجابية.

يقول لينين بتصرف: إن أفضل طريقة لهدم اقتصاد دولة ما هي إفساد عملته.

العدد 1104 - 24/4/2024