نمط الحياة في دولة ما

حينما أفكر بنمط الحياة في دولة ما، يروعني ما أصابها وما حل بها، وأول ما يتبادر إلى ذهني هو الانسجام والتناغم الرائع بين الدولة وأصحاب المال، فأي دولة يسمح نظامها الاقتصادي بأن يتحول فقير أو موظف حكومي أو عامل إلى مليونير (عفواً ملياردير لأن المليون لم يعد لها قيمة)؟ وأي سياسة ضريبية تسمح بتراكم الثروة لدى شخص واحد أو مجموعة من الأشخاص؟ علماً أننا في مجتمع لا يمكن أن يغتني شخص ما إلا على حساب أشخاص آخرين.

وأشد ما يؤرقني، أن (البعض) يمكن أن يصنع ما يشاء وكيفما يرغب، دون أن يخشى المساءلة والمحاسبة، وتماهى مفهوم المصلحة العامة مع المصلحة الخاصة، فلم تعد تستطيع التمييز بين المسؤول العام و(رجل الأعمال)، فاتحدت مصالح أولئك العامين بهؤلاء الخاصين في نهب الأموال العامة وما تبقى من بعض المدخرات الخاصة لدى عامة الشعب، دون أن يخشوا رقيباً أو حسيباً، فلا أحد يتذكر يوماً من مواطني دولة ما أن البرلمان قد أسقط وزارة واحدة في حياته، أو ساءل حكومة واحدة. والأهم من كل ذلك ما امتازت به دولة ما من صفة الحياد، فالدولة لم تكن تتدخل في أي خلاف ينشأ بين الغني والفقير، بين الظالم والمظلوم، بين القانون ومخالِف القانون، فالدولة كانت محايدة تماماً بالنسبة للفقير والمظلوم والقانون، ومنحازة للغني والظالم ومخالف القانون.

هذا هو نمط الحياة في دولة ما قبل الأزمة، وللأسف لا أحد يحاول أن يغيّره، خلال الأزمة، ولا أن يضع أي سيناريو بعد الأزمة لتغييره.

والمفارقة الآن، أن من هرّبوا الأموال وتخلوا عن بلدهم ساعة المحنة، يجتمعون الآن ليرسموا مستقبل سورية بإعادة إعمارها لحسابهم الخاص أيضاً، وبالتعاون مع الشركات الأجنبية.

العدد 1105 - 01/5/2024