الدكتوراه..!

الدكتوراه أعلى شهادة علمية أكاديمية، تكتب اختصاراً باللغة الإنكليزية  (Ph. D.) أي دكتوراه في الفلسفة، وليس المقصود هنا علم الفلسفة البحت، بل تعني (حب الحكمة) وفقاً للأصل الإغريقي للكلمة، ويطلق على حاصل شهادة الدكتوراه لقب دكتور (د.). وتشجع الدول مواطنيها على الحصول على الدكتوراه في مختلف المجالات، ورفع المستوى العلمي والبحثي من خلال تنشيط العقل الأكاديمي وتحفيز آليات ووسائل الإنتاج العلمي مما يؤدي إلى بناء اقتصاد المعرفة الذي هو من أهم أسس تحقيق التنمية، وبما يعود بالفائدة على المجتمع ككل.

في دولة ما: ازداد عدد الحاصلين على شهادة الدكتوراه (وبدرجة أكثر الماجستير) في مختلف المجالات زيادة كبيرة، لدرجة نعتقد أن دولة ما سبقت الدول المتقدمة والصاعدة في العلم والابتكار؛ وقد أصبحت (الدكتوراه) شرطاً لازماً وإن كان غير ضروري للظهور الإعلامي من (محللين) سياسيين واقتصاديين واجتماعيين ومعارضين، وقد تصبح شرطاً أساسياً حتى للناشطين بمختلف تصنيفاتهم (حقوقي-شبابي-سياسي..)، لدرجة تجعلك تعتقد أنه ليس بإمكانك ذكر اسم أحد هؤلاء دون أن تسبقه بحرف الدال (د.)، وإن كان في غير اختصاصه..!

وأصبحت شهادة الدكتوراه عاملاً رئيساً في اختيار من يتقلد المناصب الوزارية، وكأن هذا المنصب بحاجة إلى أكاديمي يحاول تطبيق محاضراته -التي يدرسها لطلابه- على مواطني دولة ما (وإن كانت في غير اختصاصه..!). فيبدأ بـ(التخبيص) والتخريب.. وإطلاق الوعود.

النتيجة كانت (مع تطورات الأزمة) تدهور سعر الصرف، اختفاء أهم السلع الحياتية (لن أقول إخفاء)، الارتفاع الجنوني في أسعار ما بقي من سلع ومواد، هروب الرأسمال ورجال الأعمال، تدهور الوضع الصحي والتعليمي (بسبب التركيز على الكم لا النوع)، والقائمة تطول وتطول.

أين هذا العلم و(حب الحكمة) في معالجة مشاكل وهموم مواطني دولة ما!؟ في الوقت الذي تتكالب فيه قوى الشر والفساد لنهب ما بقي من أموال عامة الشعب، أين اقتصاد المعرفة والفائدة التي تعود على المجتمع (ككل)..!؟

رغم ذلك، لا يمكن إنكار أن من يعتلي المناصب العليا حاصل بالتأكيد على شهادة دكتوراه فخرية في تدمير اقتصاد دولة ما، وتحطيم نفسية مواطني دولة ما، وتهلكة ما بقي من مجتمع في دولة ما.

العدد 1105 - 01/5/2024