أكثرية الأمريكيين تعارض دعم بايدن للحرب الإسرائيلية.. استقالة مسؤولة في الخارجية تعمق الاستياء من مساندة العمليات العسكرية

أعلنت المسؤولة لدى مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل في وزارة الخارجية الأمريكية أنيل شيلين (38 عاماً) استقالتها من منصبها، في أحدث احتجاج داخل إدارة الرئيس جو بايدن على الدعم المتواصل من الولايات المتحدة لإسرائيل في حرب غزة. فيما أظهر استطلاعان حديثان أن غالبية الأمريكيين عموماً، والديمقراطيين بشكل خاص، باتوا يشعرون بالاستياء من العملية العسكرية الإسرائيلية في القطاع.

ورغم أن الرأي العام الأمريكي أيد في البداية الحملة الإسرائيلية ضد (حماس)، على إثر هجماتها ضد المستوطنات والكيبوتزات المحيطة بغزة في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أفاد استطلاع أعدته مؤسسة (غالوب) أن الأمريكيين يرفضون الحرب الإسرائيلية بنسبة 55 في المئة مقابل 36 في المئة. ورفضها الديمقراطيون بنسبة كبيرة بلغت 75 في المئة، مقابل 18 في المئة.

وكذلك كشف استطلاع أجرته جامعة كوينيبياك عن أن الأمريكيين يعارضون تقديم المزيد من المساعدات العسكرية لإسرائيل بنسبة 52 في المئة مقابل 39 في المئة، علماً بأن هاتين النسبتين كانتا معكوستين في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.

 

رفض الحرب

وعلاوة على الاستطلاعات السابقة التي أظهرت انتقادات متزايدة لإسرائيل، يؤكد هذان الاستطلاعان التوقعات السياسية الصعبة لمستقبل العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية. ولوحظ أن الأمريكيين لا يزالون يدعمون إسرائيل، وهم يفرقون بين الشعب الإسرائيلي وحكومته.

ويعد هذان الاستطلاعان الأحدث في إظهار تحوّل الأمريكيين ضد الحملة العسكرية الإسرائيلية. ويكشفان كذلك عن أن الديمقراطيين، على وجه الخصوص، يتعاطفون بشكل متزايد مع الفلسطينيين أكثر من الإسرائيليين، بنسبة بلغت 48 في المئة مقابل 21 في المئة في استطلاع كوينيبياك.

وفي حين يظهر استطلاع غالوب أن 55 في المئة من الأمريكيين لا يوافقون على الحرب، أظهر استطلاع كوينيبياك أن 20 في المئة فقط وصفوها بأنها (غير مقبولة على الإطلاق).

ومع ذلك، تجلى الخلاف الأمريكي – الإسرائيلي أخيراً حول التصويت في مجلس الأمن على القرار 2728 للمطالبة بـ(وقف النار فوراً) في غزة، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إلغاء زيارة وفد إسرائيلي رفيع لواشنطن العاصمة.

ورغم ذلك، سعت واشنطن إلى تخفيف التوتر. وأعلنت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار أن مكتب نتنياهو (وافق على إعادة جدولة) الاجتماع الذي ألغاه نتنياهو بين كبار مساعديه ونظرائهم في إدارة بايدن. وأضافت: (نحن نعمل معهم لإيجاد موعد مناسب). ويهدف الاجتماع بصورة رئيسية إلى مناقشة المخاوف الأمريكية في شأن عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في رفح بجنوب غزة.

 

استقالة شيلين

في غضون ذلك، صرحت المسؤولة المستقيلة من وزارة الخارجية أنيل شيلين بأن تركيزها كان على تعزيز حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، موضحة أن عملها تعقد بسبب ما تخلفه الحرب من آثار أخلاقية وقانونية وأمنية ودبلوماسية على الولايات المتحدة. وإذ كشفت عن أنها حاولت إثارة المخاوف داخلياً من خلال نظام (برقيات المعارضة) وفي منتديات الموظفين، أفادت بأنها خلصت في النهاية إلى أنه لا جدوى من ذلك (ما دامت الولايات المتحدة تواصل إرسال الأسلحة إلى إسرائيل)، مضيفة: (لم أعد قادرة على القيام بعملي بعد الآن. صارت محاولة الدفاع عن حقوق الإنسان مستحيلة).

وتعد استقالة شيلين أهم استقالة احتجاجية على حرب غزة منذ رحيل المسؤول الرفيع في وزارة الخارجية جوش بول، الذي كان منخرطاً في جهود نقل الأسلحة إلى الحكومات الأجنبية.

ونسبت صحيفة (واشنطن بوست) عن بول إشادته بقرار شيلين، مشيراً إلى أنها تستقيل من مكتب مكلف بالدفاع عن (القيم العالمية، بما في ذلك احترام سيادة القانون والمؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان).

وقال إنه (عندما يشعر موظفو هذا المكتب أنه لم يعد هناك ما يمكنهم فعله، فإن ذلك يتحدث كثيراً عن تجاهل إدارة بايدن للقوانين والسياسات الإنسانية الأساسية للسياسة الخارجية الأمريكية التي وجد المكتب من أجل تعزيزها).

وكشفت شيلين عن أنها خططت للمغادرة بهدوء. لكنها قررت التحدث علناً بناءً على طلب زملائها الذين أخبروها أنهم يريدون الاستقالة. ولكنهم لا يستطيعون ذلك بسبب اعتبارات مالية أو عائلية. وأوضحت أنه على رغم الدعم الذي تلقته في وزارة الخارجية، فإن (هناك كثيرين لا يتفقون مع وجهة نظري).

 

احتجاجات متكررة

ولم يترك الحكومة سوى عدد قليل من المسؤولين خلال الحرب. لكن لأشهر عدة، عبّر العاملون عن استيائهم بطرق أخرى. وفي وزارة الخارجية، كتب المسؤولون برقيات عديدة عن غزة عبر (قناة المعارضة)، وهي آلية تعود إلى حقبة حرب فيتنام للاحتجاج الداخلي. وفي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أيد مئات الموظفين رسالة وجهت في نوفمبر الماضي لمطالبة إدارة بايدن باستخدام نفوذها لبدء وقف النار. وتحدى مسؤولون آخرون قادة الوكالات خلال المناسبات العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أضرم أحد أفراد الخدمة في القوات الجوية الأمريكية النار في نفسه خارج السفارة الإسرائيلية في واشنطن بعدما قال إنه (لم يعد بإمكانه أن يكون متواطئاً في الإبادة الجماعية)، وتوفي متأثراً بجراحه.

وعلى رغم المعارضة، حافظت إدارة بايدن على دعمها العسكري للحملة الإسرائيلية في غزة، وأذنت بنقل آلاف القنابل والذخائر الأخرى منذ هجمات (حماس) ضد المستوطنات والكيبوتزات الإسرائيلية المحيطة بغزة في 7 أكتوبر الماضي. ولكن لهجة الإدارة بدأت تتغير أخيراً.

(الشرق الأوسط)

العدد 1105 - 01/5/2024