أيّها السوريّ.. لم يبقَ لك حقٌّ يذكر

رنيم سفر:

حين وُزّعت الحقوق الإلهية على البشر أخذ أناسٌ نصيبهم ونصيب الشعب السوريّ، فلم يبقَ لك أيّها السوريّ حقٌّ يذكر، فتجلّت صورة الأزمة السورية الإنسانية بكل مآسيها، وانتهى بنا المطاف بأزمات أمنٍ غذائيٍ لدرجة انعدامه، بعدما كانت الأمثال تُضرب بنا من خضرة أراضينا وكثرة محاصيلنا.

أين العدالة السماوية التي حّدثنا الكبار عنها في صغرنا؟ لعلها لم تستطع اختراق الحدود السورية والوصول إلى شعبنا، ألا يصل كلّ هذا الدعاء المردّد على لسان الأبرياء إلى رب السماء!

الأمر ليس وليد اللحظة، بل هو نهجٌ سرنا به فوصلنا إلى هذه النقطة، والأعين كانت معصوبة ولا ألسن تنطق، فمن كان فمه مليئاً بالطعام لن يشعر بالجوف الفارغ ولا بمرارة الجوع. سنواتٌ مرّت منذ بداية الحرب لدينا، ومع انبثاق النزاع المسلح والقصف والدمار، أدّت لتزعزع البنية التحتية الزراعية، حتى إن القصف والتدمير سبّبا تراجع إنتاجية القطاع الزراعي وتقلص المساحات المزروعة، إضافة إلى تضرّر الآبار ومنظومات الري، فزاد همومنا همّاً، ولن ننسى نقص المياه وتدهور جودة التربة والجهود والحلول التي بُذلت حينذاك، من المؤكد أنها فشلت حسب النتائج الحالية، فتراكمت المصائب وازدادت التحديات على رؤوسنا مع الانقطاع المستمر للكهرباء والوقود، فأثر ذلك على تشغيل المضخات والآلات الزراعية وتخزين المنتجات الزراعية وتبريدها، مما أدى إلى فقدان المحاصيل وتلف المنتجات الزراعية، فتأثرت أسواقنا المحلية و ارتفعت أسعار الغذاء بشكل متسارع لانعدام الإمدادات وتقلص الإنتاج المحلي، وأُضيفت عقبة فزادت الأمر صعوبةً، ألا وهي التضخم المرتفع وتدهور العملة المحلية، الذي كان بمثابة الضربة القاضية على الشعب، فأصبحت الأطعمة متاحة وغير متاحة بشكل كافٍ للعديد من الأسر، فأضحينا بطرفة عين بلداً معدوم الأمن الغذائي.

أصبحنا نترحّم على أيام الخير، ونهوّن على أنفسنا بقول (نصيبنا في الجنة) وأن الدنيا حظوظ ولعلّ حظّ السوريين قليل على الأرض.

في الحقيقة إن حظك ليس بقليل، بل الجهود المعنية هي القليلة، والحصار الدولي كان فوق طاقة تحمّلنا، والدول المحيطة هتفت حينئذٍ: صُمٌّ بكمٌ عميٌ! ويبقى السؤال: هل سنبقى دون حلول حقيقية؟ وهل سنبصر دمارنا بأعين فارغة ونرضى بما قسمه البعض لنا؟ هي قسمة ليست عادلة، لكننا نردّد: باقون على أمل الإصلاح.

دمتم ودمنا سالمين!

 

العدد 1104 - 24/4/2024