قرار وقح في زمن أغبر!

طلال الإمام_ السويد:

لم يكن مفاجئاً بتاتاً للمتابّع أن تتخذ بعض البلدان الأوربية التي تدّعي الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان، قراراً بوقف تقديم الدعم للأونروا، العاملة في غزة_ فلسطين.

الأونروا (UNRWA) هي إحدى الوكالات التابعة للأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. (نقول ليس مفاجئاً لأن من يدعم المجازر التي يرتكبها الكيان في غزة، بالمال والسلاح والإعلام، ويغمض عينيه عن تلك المجازر، بل ويبررها تحت شعار (الدفاع عن النفس) لن يخجل من اتخاذ هذا القرار الوقح.

ترتكب هذه المجازر أمام أعين الشعوب والحكومات دون خجل، ووصل عدد الشهداء فيها إلى نحو 27 ألفاً نصفهم من الأطفال، والنساء، والصحفيين، إضافة إلى تدمير ممنهج للمشافي، والمدارس، ودور العبادة، وتهجير السكان الأصليين من بيوتهم، وضرب البنى التحتية مع قطع الماء، والكهرباء والدواء عن غزة.

نعتقد أن هذا القرار وفي هذا الوقت بالذات يأتي بعد تعثّر، لكيلا نقول إخفاق المشروع الصهيوني في غزة_ فلسطين، بعد قرارات محكمة العدل الدولية، وبعد اتساع الإدانة الشعبية الواسعة لسياسة إسرائيل في ممارسة الإبادة الجماعية، وهو الأمر الذي يجري التعبير عنه في تظاهر ملايين البشر في مختلف أنحاء العالم إدانة للعدوان ومطالبة بوقف فوري لإطلاق النار.

رغم ذلك، فإن قرار تلك الدول بوقف الدعم للأونروا هو وقح بجميع المعايير، ويكشف كذب حكومات تلك البلدان وادعاءها بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسا.

أخيراً، ذكرنا سابقاً أكثر من مرة ونكرر الآن أن هيئة الامم المتحدة والهيئات التابعة لها تحتاج إلى إعادة بناء شاملة، لأنها فقدت مصداقيتها وتحولت إلى أداة بيد دول تشن الحروب وتحاصر البلدان التي لا تعجبها، وتساهم في قتل أبرياء عبر إذكاء حروب ونزاعات على أسس دينية طائفية أو إثنية.

نعم، كما حدث بعد الحرب العالمية الأولى وانتهاء دور عصبة الأمم، لأنها لم تقم بالدور المنوط بها، لا بدّ من إصلاح وإعادة هيكلة الأمم المتحدة أو إيجاد هيئة أخرى. إلى ذلك الحين يبقى قرار الدول التي أوقفت دعمها للأونروا قراراً وقحاً، يؤكد ازدواجية المعايير لتلك الدول، ويجب على تلك الدول إعادة النظر في قرارها المشين.

الدول التي اتخذت هذا القرار هي: إيطاليا، كندا، أستراليا، هولندا، بريطانيا، وألمانيا.

العدد 1105 - 01/5/2024