هل ستصبح سورية البلد العجوز؟

رنيم سفر:

(شدّة وبتزول)! كم مرّة قلت هذه الجملة، فهي في عقلك محفورة، تردّدها صباحاً ومساءً كأنها حبة دواء تبقيك على قيد الحياة، ولكن خفّف تناول جرعاتك منها وأخبرني حينئذٍ هل زالت وماذا تشعر؟

إلى الآن والشدة لم تزل من هنا ومازال من بيننا هو شبابنا وصغارنا، هل تعلم أيها القارئ أن نسبة المسافرين تزداد يوماً بعد يوم، وأغلبهم من فئة الشباب، أي إذا استمر الوضع هكذا فسيطلق على  سورية بعد فترة قصيرة اسم البلد العجوز، مع العلم أن ٩٠٪من المسافرين على متن كل طائرة هم من الذكور، لأن للصبر حدوداً وطاقة أجسادهم قد نفدت ومع وجود عروض رأس السنة لحجوز السفر، استغلّ أغلبهم الفرصة لعقد اتفاق مع مكاتب السفر والهجرة، ففي نظرهم وكما يقول البعض (الهفا أحسن من  سورية)، ولكن هذه المكاتب للأسف بمثابة توقيعك وقبولك لمزيد من الهموم المآسي، كأنك تخرج من مشكلة عظمى في بلدك لتأتيك المشاكل من حيث لا تعلم، بداية مع هذه المكاتب، فأغلبهم يوهمك بالحصول على وظيفة وعمل مؤمن فور هبوط الطائرة وتسهيلات كاملة، وفي الواقع كلّها حيل وكذب واتفاق فاشل، إياك والوقوع في براثن من يستغلّ ضعفك وينتهز أحلامك فيدهسها، يكفيك ما تعرّضت له من ضياع أحلام وركض مستمر نحو المجهول ومستقبل مظلم لا تعلم ماهيته فلا ضوء في نهاية طريقك ، يكفي ما تعرّض له شبابنا إلى الآن من استغلال لوضعهم جراحهم لم تشفَ ولن تشفى ما دام الاستغلال واقعاً دائماً.

لطالما تغنَّت سورية قبل الحرب بمجتمعها الفتي، إذ كان الشباب يُشكّلون النسبة الأكبر، ولكن هيهات، فما كنا نتغنى به من قبل أصبحنا نبكي عليه اليوم، فقد سيطر حلم المغادرة على القلوب والعقول بعد أن خيّم الفقر والمستقبل الضبابي، والحال أن أحاديث الشباب عن السفر دائماً أمن المعقول أن نفقد كل العقول وشباب المستقبل وننظر لنتابع ما سيحدث في آخر المطاف وهل سنبقى على حالنا نودع الأحبة؟ وهل ستصبح سورية حقاً البلد العجوز؟

العدد 1104 - 24/4/2024