مقاعد مُكسَّرة وجدران أنهكها الزمن!

وعد حسون نصر:

مدراسنا الحكومية، منذ ما قبل الأزمة حتى اليوم، في حالٍ يُرثى لها، فنوافذها تصفر فيها الريح وتستغيث لأنها بحاجة إلى زجاج.. أمّا جدرانها فقد شاخت وتصدّعت وهي آيله للسقوط حتى قبل مجيء الزلزال، فكيف حالها بعده؟ أبوابها إن وُجِدَتْ مفتوحة دائماً لأن لا قفل ولا مفتاح لها، فهي أشباه أبواب لا تردُّ البرد ولا تحجب صوت الضجيج عن طلاب يجلسون على مقاعد لا تسند الظهور، ولا تحضن الكتب والدفاتر لأن غالبيتها مكسور وفيها فكر الطالب مشغول، كيف يجلس وكيف يكتب وإن سأله المعلم عن ماذا تحدث الدرس؟ يخشى ماذا سوف يقول لأنه كان بالمقعد مشغول! أمّا مدافئ الشتاء فحدّث ولا حرج، إذ إن بابها مكسور، لا قسطل يسندها ولا خزان وقود ليُشعلها المعلم فتنثر بعض الدفء.. وبالتالي مداخنها باتت مكاناً تُعشّش فيها الطيور.

وإذا ما نظرنا إلى واقع الوزارة الحكيمة، نجد أن حلولها عقيمة وإن وجدت فهي عبارة عن جباية من الطلاب، تارةً لطبع أوراق الاختبارات، وأخرى لشراء أقلام للسبورة، أو لسدِّ عجز تلف القرطاسية والكتب المُمزّقة وفي زوايا المكتبة منثورة! طبعاً لا ننسى غياب الكثير من المُدرّسين ونقص الكوادر والاختصاصيين مع العلم أن في كل عام نجد مجموعة من الخريجين الجامعيين تنتظر وتفتش عن شاغر، لكن الوزارة لا تعلن عن مسابقة وكأنها ليست بحاجة لملْ الشواغر المُتكاثرة! أمّا إذا ما تعرّفنا إلى وضع المعلم، فنجد أن البعض يعطي المعلومة للطالب بضمير حي، لكن البعض الآخر يدخل للصف حياً، ولكنه يخرج شبه ميت، فهو لا يعطي إلاّ رقم هاتفه لدرس خاص يعيده للحياة!

حاول المجتمع الأهلي ترميم هذا الخراب في المدارس، وبدأ العمل كخلية نحل من جمع تبرعات من المقتدرين مادياً، لعمل تطوعي وميداني لأصحاب المهن من المجتمع الأهلي، وقد تم إنجاز القدر الكافي من الإصلاحات للأبواب والمقاعد والنوافذ وحتى الحمامات، كذلك ترميم المداخن وشراء الناقص من عدد المدافئ ضمن القدرة المالية وحتى الجسدية، وحسب وقت ومقدرة كل فرد من أعضاء الفريق، لكن يا ترى هل المجتمع الأهلي وحده المعني؟ أين دور وزارة التربية بمؤسساتها التربوية؟ فمن غير المعقول أن تقف مكتوفة الأيدي، لكن الواضح أنها باتت تعتمد فقط على المجتمع المحلي وعلى بعض المؤسسات والمنظمات الاجتماعية مثل الأونروا والهلال الأحمر، كذلك بما تجمعه من الطلاب من (تعاون ونشاط)، فهي أشبه بعجوز أرملة تعيش على مساعدات أهل الخير!

نأمل إعادة النظر بالأداء الوزاري لوزارة التربية وخاصة أنها المسؤول الأول عن نشأة جيل واعٍ ومتعلم للالتحاق بقطاعات البلد المختلفة من طبابة وقضاء، تعليم وتخطيط، اقتصاد وزراعة وصناعة… الخ. ليكون الجيل الجديد نبراس هذا الوطن. ومن هنا يقع على عاتق هذه الوزارة تهيئة المناخ السليم في المدارس للقيام بالعملية التعليمية بشكل لائق، كذلك لا ضرر من معاقبة كل من تسوّل له نفسه من الطلاب العبث بأثاث المدرسة وتخريب ممتلكاتها، إضافة إلى مشاركة الطلاب بالأعمال التطوعية من إصلاح وما شابه، فإذا وجد الطالب نفسه في موقع المسؤولية سوف يقوم بحماية ما أنجز وسيحافظ عليه. أيضاً على الوزارة أو الهيئات التابعة لها إقامة ندوات للطلاب في كل المراحل الدراسية لتعزيز الوعي لديهم مشيرةً لأهمية التعاون والحفاظ على بيتهم الثاني المدرسة التي يقضون فيها معظم أوقاتهم، ولا ضرر من مشاركة المجتمع الأهلي مادياً وحتى ميدانياً على أن لا تجلس الوزارة مكتوفة الأيدي وكأنها متفرج وجامع للجباية فقط!

العدد 1104 - 24/4/2024