شباب اليوم بين الدراسة الجامعية وتعلّم الخبرات العملية

د. عبادة دعدوش:

إن كان صعباً علينا أن نتخيّل غيمة بلا مطر يُجدّد الأرض ويُعيد لها خصوبتها، فالأصعب منه أن نتخيّل الإنسان بلا علم يتكىء عليه ويحارب من خلاله ولأجله، وفي الوقت ذاته عليه أن يعمل حتى يدرك أهمية العلم الذي تعلّمه، فالعمل قيمة للإنسان وفقدانه له يعني فقدانه لنفسه ومن ثم لوطنه، لأن رقيّ الأوطان مسؤولية أبناء الوطن جميعاً. وفي واقع اليوم يقع الشباب في حيرة كبيرة بين الدراسة الجامعية والخبرات العملية واكتساب المهارات للحصول على عمل وقوت عيش.

نحن نعلم أنه في وقتنا الحالي والظروف المَعيشة، عندما يتقدم أيُّ شابّ إلى وظيفة ما، فأول ما سيواجهه سؤال يوّجه له من قبل مسؤول الموارد البشرية، عمّا يمتلك من خبرات وشهادات؟!  فإن أجاب الشاب بأنه يمتلك شهادة علمية فقط يصبح قبوله صعباً، أما في حال أجاب بأنه يمتلك شهادة علمية وخبرة عملية سابقة، فسيصبح الأمر أسهل، وهذه هي المعضلة الصعبة في الحقيقة، واحدة من الاثنتين لا تكفي بشروط قبول التوظيف، ففي واقعنا الحالي وفي ظلِّ التطور الحاصل والمُتسارع، بات من الضروري أن يحمل الفرد جوازي سفر، الأول هو شهادة علمية تسمح له بالدخول للوظيفة، والثاني خبرة أو مهارة عملية تُتيح له العمل فيها.

لا يمكننا اليوم الاستغناء عن تعلّم المهارات وعن رفد وتقوية الشهادة الجامعية بخبرة، لأنه وببساطة لا يحدث التوظيف سوى لمرة وحدة وبعدها تصبح مسؤولية الفرد بضرورة تطوير نفسه وتحسين مهاراته بما يُدعّم موقعه الوظيفي، لذلك مهم جداً خلق حالة توازن بين التعليم الجامعي وتعلّم الخبرات والمهارات العلمية الكافية للدخول في سوق العمل. وحتى لا يقف الفرد بين مفترق الطرق، عليه الاهتمام بمواكبة التطور الحالي واكتساب مهارات ومعلومات جديدة وأدوات عملية تخلق منه رقماً صعباً في المجتمع.. ولا ننسى أن الاستفادة من العلوم وتطبيقاتها من أجل النهوض والتقدم تحمل بين طياتها التصميم القوي على التعلّم المستمر وتحويل العقبات التي تعترض طريق الفرد إلى وسيلة للتقدم والتغيير، وتسخير كل طاقاته الكامنة بالعمل والتعلّم. هكذا يكون العلم والعمل وسيلة للارتقاء عندما يسعى الفرد بالعمل على ذاته ضمن عجلة التسارع، ويسعى للتوازن بين ما تعلّمه وما ينبغي أن يتعلّمه ليحقق مردوداً مادياً يدعم تحقيق أهدافه المستقبلية.

العدد 1105 - 01/5/2024