كيف بدأت مشاكل أوكرانيا.. وأين ستنتهي؟

نزار طرابلسي:

المتابع للملف الأوكراني يلاحظ أن أمريكا والغرب المتمثل بالاستعمار الاقتصادي الجديد، عن طريق منظمته الواسعة الاتحاد الأوربي التي يحاول عن طريقها تشريع مستوى الإرهاب ومن هو إرهابي، ثم تشريع مكان ومدى خرق حقوق الانسان، إضافة إلى العشرات من منظمات حقوق الإنسان، التي للأسف اصبحت اليوم تنفذ أجندة خارجية وتأتمر بسياسة الدول الأوربية الغربية، وأمريكا من وراء الستار. واليوم أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تشن حروباً على الشعوب والمجتمعات، محاولةً إجبارها على السير بسياسة البيت الأبيض والبنتاغون وبتوجيه من المخابرات الأمريكية. إن ما حصل في السنوات الثلاث من فوضى خلاقة في مجتمعاتنا العربية وما وصلت إليه الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وخاصة في بلدان ما يسمى بالربيع العربي، وما آلت إليه الأوضاع المدمرة في ليبيا ومصر واليمن وتونس، وما يحصل حاليا في سورية، نرى أن أمريكا والغرب يحاولان إعادة السيناريو نفسه في أوكرانيا، ومحاولة إشغال وإلهاء الشعب الأوكراني بالفوضى المدمرة، وتطويرها إلى الاقتتال الداخلي، لتتمكن بسهولة من القضاء على العصب الاقتصادي ومن ثم السياسي والاجتماعي وتوجيههم حسب مخططات الغرب وأهدافه، وهذا ما يطلقون عليه تسمية (الشراكة الأوربية)، وإذا تابعنا تطورات الأزمة الأوكرانية وبمقارنتها مع ما حصل في البلدان العربية من تدخل سافر للغرب والأمريكان حتى وصلت درجة السفالة ببعض وزراء الخارجية الأوربيين إلى التدخل السافر والعنيف في الشؤون الداخلية الأوكرانية علناً بذهابهم إلى كييف ونزولهم إلى ساحة التظاهر ودعم المتظاهرين.

لقد بدؤوا بمطالبة الحكومة ورئيس الجمهورية بالتوقيع على صك الشراكة المجحف مع الاتحاد الأوربي، وعندما جاء الرد (بغير ما كان يريد مخططو الفوضى ومنظمو التظاهر المشبوهون) بدعوة المتظاهرين وأحزاب المعارضة إلى طاولة الحوار للنقاش والخروج بقرار مشترك والاتفاق على خارطة طريق فيما يتعلق بموضوع الشراكة مع الاتحاد الأوربي، هنا طاش صواب المعارضة، واستاؤوا من معالجة القيادة الأوكرانية الحكيمة للسياسة المتبعة لمعالجة الأزمة.

كان الرد من المتظاهرين بالاستمرار في التظاهر مع التصعيد المستمر، وهنا جاء المورفين الغربي والأمريكي إلى الساحة الرئيسية للتظاهر، وتحويل مجرى الخطاب السياسي، وأصبح المطلوب رحيل الرئيس وإسقاط الحكومة، وبدأت عمليات التخريب التي أدّت إلى شلّ الحركة ومحاولة تفعيل الاقتتال الداخلي بين المعارضين والموالين.

من هنا نتوصل إلى نتيجة لا مجال للشك فيها: إن المنظّم والمخطط والداعم والممول لما سمي بالربيع العربي هو نفسه يعيد المشهد في أوكرانيا. وإذا منيت مخططاته بالفشل، سيصل به الأمر لاحقاً إلى تجنيد الإرهابيين من الشيشان وبعض الخلايا الإرهابية النائمة، وإرسال إرهابيين بتنظيم وتمويل من بندر إلى الساحة الأوكرانية لدب الفوضى والذعر وبشكل أساسي إلى عسكرة التظاهر ليؤدي إلى اتجاه ومنحى آخر. ولكن وعي العقلاء والوطنيين والشرفاء من الشعب الأوكراني، والدور الإيجابي الذي ستلعبه الأحزاب السياسية التقدمية والوطنية والتي لها مصلحة وحيدة هي حماية البلد وعدم تقسيمه وتفكيكه والقضاء على الفوضى المفتعلة على الأرض الأوكرانية، وبالتعاون مع أصدقائهم وجيرانهم الروس، ودعم أحرار العالم، ستندحر كل هذه المحاولات الأمريكية الغربية الخسيسة والدنيئة، وستنتصر قوى الخير والتقدم في أوكرانيا والعالم.

العدد 1105 - 01/5/2024