الجيش الأوكراني.. والموقف الصعب

د. صياح فرحان عزام:

يبدو أن  أوكرانيا مُقبلة على مرحلة مفصلية صعبة خلال فصل الشتاء المقبل الذي أصبح على الأبواب، ويؤكد خبراء عسكريون أن هذه المرحلة المقبلة سيُقرّر فيها مآل الحرب التي بدأت في شهر شباط 2022، لاسيما أن الهجوم الأوكراني المضاد ضد القوات الروسية الذي بدأ في الرابع من شهر حزيران الماضي لم يحقق أي تقدم يذكر على الجبهات كافة خلال أربعة أشهر، وبالتالي فالقوات الأوكرانية بوضع حرج، إذ تفتقر- حسب أقوال قادتها- إلى الذخائر والأسلحة اللازمة لمواصلة الهجوم المذكور، رغم ما قدمه ويقدمه لها حلف الأطلسي من دعم عسكري واستخباري غير محدود.

في ضوء هذا الوضع سوف يواجه الجيش الأوكراني خلال أشهر الشتاء موقفاً صعباً بسبب الثلوج والأمطار وما ينتج عن ذلك من وحول ومستنقعات تعيق الحركة في ساحات القتال، الأمر الذي يجعله يقع صيداً سهلاً للقوات الروسية التي تتفوق على القوات الأوكرانية عدداً وعتاداً وتمرساً في فنون القتال، علماً بأن روسيا أعدت العدة اللازمة لذلك.

وقد أعلن الرئيس الروسي بوتين في الأسبوع الماضي أن الجيش الروسي (يُحسّن مواقعه على جبهات القتال خاصة في مناطق كوبيانسك وزابوروجيا وأفدييفكا)، وأضاف قائلاً: (ما يحدث الآن طوال فترة الاشتباكات يسمّى الدفاع النشط، وتقوم قواتنا بتحسين مواقعها في كل هذه المساحة التي تعد كبيرة جداً). في الوقت نفسه وجّه بوتين الشكر للقوات المسلحة الروسية على شجاعتها وبطولتها، وأشار أيضاً إلى أن الهجوم الأوكراني قد فشل تماماً.

مقابل ذلك أو في الجهة المقابلة، يسود التشاؤم وعدم اليقين مما يمكن أن تحمله الأسابيع المقبلة في صفوف التحالف الغربي، فرغم أن وزراء دفاع حلف الأطلسي ناقشوا خلال اجتماعهم في بروكسل ما أسموه (حرب الشتاء) وقضية دعم صمود القوات الأوكرانية وتزويدها بالذخيرة والسلاح من الصواريخ المتطورة والطائرات المقاتلة والذخائر المتنوعة، إلا أنه بات من الواضح أن هناك شكوكاً في قدرة الجيش الأوكراني على الصمود ومواصلة القتال، ذلك أن عدداً من الدول الأوربية من بينها المجر وسلوفاكيا وبولندا استنكفت عن تقديم المزيد من الأسلحة، إضافة إلى أن مخزون الأسلحة بدأ ينفذ، في حين أن القوات الأوكرانية تستهلك كميات هائلة من الذخائر، خصوصاً الصواريخ وقنابل المدفعية من عيار 155 م، وهذا سبب قرار الولايات المتحدة الأمريكية ولندن تزويد نظام زيلينسكي بقنابل عنقودية للتعويض عن نقص الذخائر، في حين أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن بلاده ضاعفت إنتاجها من الذخائر عالية الدقة.

وما يلفت النظر هو إعلان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي بأن واشنطن تعتقد أنه لدى أوكرانيا ما بين 6 إلى 8 أسابيع متبقية للهجوم المضاد قبل أن تصبح الأمور صعبة، في إشارة منه إلى فصل الشتاء المقبل.

كل ما تقدم يعني أن الحرب في أوكرانيا ستشهد منعطفاً حاسماً خلال الأسابيع المقبلة، وهو أمر يثير قلق حلف الناتو، ما قد يضطر قادته إلى إعادة حساباتهم والموافقة على بدء مفاوضات وفقاً للشروط الروسية أو المغامرة والاستمرار في الحرب.

العدد 1104 - 24/4/2024