هل يبقى ابن (سمير) جائعاً لبقية الأسبوع؟
ريم سويقات:
يقف الأب (سمير) عاجزاً أمام متطلبات غذاء طفله الوحيد الذي انتظره 9 سنوات ليحظى باسم (الأب)، بعد أن أثقل الوضع المعيشي كاهله، وأنهك قواه، فالراتب الأسبوعي الذي يحصّله مقابل عمله في معمل للحلويات بطرطوس، والذي يبلغ 70 ألف ليرة، لا يكفي ثمن علبة الحليب لطفله، إذ يحتاج إلى 10 آلاف ليرة زيادة ليتمكّن من شرائها، علماً أن الطفل يحتاج كل 3 أيام إلى علبة حليب، هل من المعقول أن يبقى ابن (سمير) جائعاً بقية الأسبوع؟؟
عزيزي القارئ، كم يشقى الآباء من أجل أطفالهم في ظل ما تشهده البلاد من غلاء جنوني لم يسبق له مثيل؟ وهل فكرة إنجاب الأطفال صحيحة في ظل وضع معيشي مأساوي، خاصة أن تكاليف العناية بالأطفال حديثي الولادة مرتفعة للغاية؟
تستمر أسعار حليب الأطفال بالارتفاع تماشياً مع حالة الغلاء السائدة على كل المواد الاستهلاكية، إلّا أن تلك المادة بالتحديد تبقى مسألة يُدار الحديث حولها من قبل الأهالي وتكثر شكواهم من غلائها لأنها أساسية، فهي الغذاء الوحيد الذي يعتمد عليه الأطفال في الشهور الأولى، أما عن أسباب ذلك الغلاء وفق التصريحات التي يتم تكرارها فهي إما أنها مستوردة أو يتم احتكارها من قبل بعض المعامل أو غياب الرقابة عن بعض الصيدليات، تلك العوامل التي تلعب دوراً في ارتفاع سعرها، وكالعادة تضيع المسألة عن معالجة المشكلة بالبحث عن الأسباب وإلقاء اللوم على جهة دون أخرى، لتبقى دون حل!
إن مادة حليب الأطفال مثال واحد عمّا يحتاجه الطفل من أساسيات حياته، وهي وحدها أصبحت تحتاج إلى ميزانية أمثال الأب (سمير)، وقس على ذلك عزيزي القارئ كم ستكلّف المواد الاستهلاكية الأخرى الخاصة بالطفل كالثياب والحفاضات والأدوية في حالة المرض؟
أيها السادة، في ظل واقع معيشي متدنٍّ وما يقابله من أجور متدنية كذلك، لا بد من إعادة النظر في مسألة الإنجاب وتحديد عدد الأولاد وفق قدرة كل أسرة المالية، إذا لم تستطع الحكومة تأمين حياة حرة كريمة لمواطنيها، ورغم أن البلاد ربما بحاجة إلى زيادة عدد الولادات تعويضاً عما خسرته سورية من شهداء في سنوات الحرب، وتحديداً فئة الشباب، ولكن من الأفضل أن لا يأتي إلى هذه الدنيا طفل لا يستطيع أن يأكل ويشرب ويتعلم لاحقاً ويخدم وطنه، لأنه إذا استمر الوضع الاقتصادي على هذا المنوال فمن الاستحالة أن نتمكن من بناء جيل فعّال.
دام عزكم، ما رأيكم؟