غايات استعماريّة في خدمة الإمبرياليّة العالمية!!

فادي إلياس نصّار:

ضخامة كميات النفط الموجودة في باطن الأرض العراقية تعتبر المُبَرِّرَ الحقيقي لكل المجازر التي ارتكبتها الولايات المتحدة في العراق.

فيما يُبرِّر تلك التي ارتكبتها في سورية، فضلاً عن الثروات، الموقع الاستراتيجي للبلاد (خاصرة رخوة للكيان الإسرائيلي، بوابة روسيا إلى المياه الدافئة، الجسر الذي يربط أوربا بآسيا).

أما مُبَرِّر إثارة الشهية الاستعمارية على حدود الجزائر، والنشاط الكبير للمجموعات الإسلامية الإرهابية، مثل (الجيش الإسلامي للإنقاذ) (AIS)، ونقل إرهابيي داعش من حلب إلى حدود الجزائر مع النيجر، فهو طرحها عشرة حقول لليورانيوم للاستثمار، (تعد الجزائر من الدول العشر الأولى في العالم ذات الاحتياطي المرتفع من معدن اليورانيوم، باحتياطي يُقدَّر بأكثـر من 13 مليون طن).

ويُبرر فرار نحو مليون إنسان من سكان ولايات دارفور السودانيّة، بسبب الظروف الإنسانيّة البالغة الصعوبة، والأعمال الإرهابيّة التي تقوم بها ميليشيات الجينجويد، فتح السُلطات السودانية باب الاستثمار في اليورانيوم، وكشفها عن أن أهم المواقع الغنية بهذه الثروة في البلاد، موجودة في ولايات دارفور.

ولا يُبَرِّر التدخل الفرنسي في مالي، وارتكابها مجازر هناك، سوى أنه كان لحماية مواقع إنتاج اليورانيوم، التي تديرها شركة ARRIVA الفرنسية الحكومية، في دولة النيجر القريبة من مالي، فنصف اليورانيوم الذي تحتاج إليه فرنسا لتشغيل مفاعلاتها النووية تحصل عليه من تلك الصحراء الغنية بالغاز، والبترول والذهب، وليس كما ادعى الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا هولاند، كذباً، أنه كان لحماية المدنيين، (بحسب مدير مرصد الأبحاث النووية الفرنسية سيتفان لوم، في صحيفة لوموند).

وليس غنى فنزويلا بالنفط (تمتلك أكبر ثروة نفطية في العالم، وكميات هائلة من الفحم والحديد والذهب) سوى مبرر أساسي (لدى الدول الاستعماريّة) لجعلها اليوم، في مرمى سهام راعي البقر الأمريكي، الذي يعد أكبر مستورد للنفط الفنزويلي، (تستورد الولايات المتحدة نحو 40% من صادرات فنزويلا النفطية)، كما أنه كان المبرر الوحيد لاستماتتها، يوماً ما، على الحدود الكولومبية لإدخال ذراعها الاستعماري، بواسطة شاحنات تحمل بعض المساعدات الإنسانيّة، لدعم حليفها غوايدو.

وأخيراً، يعد غنى البرازيل، بالثروات الطبيعة وضخامة مواردها (الأول عالمياً في إنتاج خام الحديد، بنسبة تصل إلى 31 في المئة)، وعدم اتفاق الرئيس لولا دا سيلفا مع سياسة البنك الدولي، المُبَرِّر الوحيد وراء تبني الدول الإمبريالية للرئيس اليميني المخلوع بولسونارو الذي أبدى فور تسلمه مقاليد الحكم، ولاءه المطلق لدولة إسرائيل كردٍ منه للجميل، ومُبَرِّر مهم لإبقاء الرئيس (لولا وراء القضبان دون أيةِ أدلةٍ قانونيةٍ…إلا أنهم فشلوا، بفعل إرادة شعب البرازيل العظيم). تحكم اليوم، السياسة الخارجية للدول الاستعمارية، مطامع اقتصادية، ولكن المُستعمِر يعمل دائماً على تجميل تلك السياسة الإمبريالية التي تهدف الى ابتلاع الكوكب، بإلباسها لبوساً براقاً من حقوق الإنسان، مزيّناً بكذبة الديمقراطية والحريات العامة، وما إن تنتهي تلك المطامع، حتى يتفسخ هذا الثوب وتظهر حقيقة تلك السياسات، اللاإنسانية، حيث ملايين المشردين والمرضى والأميين، تجارة مُخدرات وسلاح وأعضاء بشرية، تشوّه مجتمعي رهيب، وأخيراً تغرق الشعوب في حرب ما بعد الحرب، ويقوم البعض بتدوير بقايا الفكر الإرهابي، لإنتاج أحزاب سياسة (يمين).

فهل ستواجه سورية هذا المصير بعد انتهاء الحرب؟ من يدري؟؟!

العدد 1105 - 01/5/2024