الرقابة والتفتيش.. الحاجة إلى تصويب منهج العمل!

رمضان إبراهيم:

عند الحديث عن أكثر من موقع من مواقع الفساد، يقفز إلى الذهن مباشرة الحديث عن الدور المهمّ الذي يجب أن تقوم به أجهزة الرقابة والتفتيش في كبح تلك الظواهر ولجمها، وقمع الفاسدين، بكل موضوعية.

واستناداً للقوانين النافذة، بعد أن أثبتت الوقائع أنها لم تنجح بذلك خلال السنوات الماضية، فمؤشر الفساد مازال في ارتفاع تدريجي يوماً بعد يوم بأسبابه ونتائجه وتداعياته على المجتمع والدولة، بدل أن يتراجع، لدرجة أننا بتنا في آخر قائمة منظمة الشفافية العالمية وفق التقارير التي تصدرها دورياً!

إن أسباباً عديدة تقف وراء عدم قيام أجهزة الرقابة والتفتيش بدورها المطلوب، يمكننا أن نعدّد بعضها من وجهة نظرنا، فانعدام قيمة الرواتب والأجور لكوادرها وغيرهم، وعدم تفعيل عمل دوائر الرقابة الداخلية في الجهات العامة، والتأخير الكبير وغير المبرر أحياناً في إنجاز تحقيقاتها وإصدار التقارير التفتيشية بصيغتها النهائية حيث تبقى في نسبة كبيرة من الحالات عدة سنوات حتى تنتهي من عملها، بسبب العلاقات والمصالح والمنافع والتدخلات والواسطات من هنا وهناك أحياناً.

ولدينا عدة أمثلة في محافظة طرطوس، وبالطبع ينعكس ذلك سلباً على محاسبة المرتكبين وبراءة المظلومين وعلى المصلحة العامة.

ومنها أيضاً عدم قيام التفتيش بمتابعة القضية أمام القضاء بالشكل الصحيح، وعدم ملاحقة الجهة العامة المعنية بالشكل المناسب للتأكد من تنفيذ ما يخصها من القرارات أو المقترحات التي خلص إليها التقرير، كما أن هناك حلقة مفقودة في آلية متابعة التقارير التفتيشية، وفي العلاقة بين التفتيش من جهة والجهات العامة ذات العلاقة بتنفيذ كل مقترحات وقرارات هذا التقرير أو ذاك، ووسائل الإعلام التي يكون لها الدور الأساس في قيام التفتيش بالتدقيق والتحقيق في هذه القضية أو تلك من جهة ثانية.

وأيضاً لا يوجد تنسيق بين المؤسسة التفتيشية والمؤسسة القضائية بعد إحالة المتهمين إلى القضاء بموجب تقارير معتمدة.

وبالطبع وإضافة إلى كل ما تقدّم، توجد نقاط ضعف عديدة في قوانين التفتيش ومنها قانون الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش رقم 24 لعام 1981 الذي مضى عليه دون تعديل وتطوير نحو أربعين عاماً، ومن ثم نرى أنه من المفيد والضروري دراسة هذه القوانين وتطويرها بما يؤدي لتدارك الخلل القائم، والمساهمة الفاعلة في مكافحة الفساد الذي استفحل كثيراً.

أخيراً

المضحك في بعض تقارير الرقابة والتفتيش أنها تستند إلى ثبوتيات وأدلة وقرائن بحجج دامغة تحتّم دخول العديد من الفاسدين السجن، ولكن عند إحالة الموضوع إلى القضاء يُبرَّأ المتهم ايضا بحجج دامغة وأدلّة وقرائن، فمن وجهة نظري الشخصية يجب أن يكون السجن إما لمن أدان دون اكتمال أدلة الإدانة، أو لمن قام بتبرئة المتهم دون اكتمال أدلة البراءة.. فهل سنشهد في قادمات الأيام إجراءً كهذا، أم أن التفتيش سيحتاج إلى تفتيش، والرقابة تحتاج إلى رقابة؟!

 

العدد 1104 - 24/4/2024