السلام سكينة

وعد حسون نصر:

السلام.. هذه الكلمة بمجرّد أن نتلفَّظ بها نذوق طعم السكينة، السلام مطلب الشعوب لتحيا بمحبة، لتحيا بأمن وأمان، بحرٌ من المعاني الخوض فيه يمنح هدوءاً وصفاء داخلياً.

منذ فجر التاريخ والشعوب تبحث عن سلامها، وكم قرأنا عبر التاريخ عن قبائل كانت الملاذ والأمان لمن يلجأ إليها طالباً الحماية، والسبب أنها تجنَّبت الحروب ونادت بالسلام. لكن يا ترى في زماننا هذا هل تحقَّق السلام، أم بقي شعارات تُردّد وبنود تُذكر مع قراءة ميثاق الأمم المتحدة.؟ العبثية والفوضى والحروب في بلادنا والتهجير والمجاعات أكبر دليل على فقدان السلام، وضياع مستقبل جيل كامل من الشباب سواء عند العرب أو الغرب بسبب انتشار المخدرات، وانتشار العنف بما لا يُبشّر بالسلام، والحروب في دول الشرق كما اليمن وسورية، في ليبيا والعراق، الفوضى والعبث الداخلي بلبنان أكبر دليل لفقدان السلام وفقدان الأمن والأمان! العقوبات المفروضة على الشعوب من قبل الولايات المتحدة، والمختبرات التي تجرى في داخلها أبحاث وتجارب لدمار العالم أكبر دليل لعدم شرعيتهم في التغنّي بالسلام! الجوع في إفريقيا، الحصار في غزة، الجثث التي كانت وجبة شهيّة لأسماك البحر ووحوش البر أكبر دليل لعدم تحقيقهم مبدأ السلام! التقسيم والاحتلال والهيمنة لا تخوّلهم أن يتحدّثوا عن السلام!

دائماً نقرأ ميثاق الأمم المتحدة عن السلام وحقوق الإنسان وحقوق الطفل والمساواة، لكن ماذا طبّقوا على الأرض الواقع من المكتوب في ميثاقهم، وأكبر دليل هو تلك المجاعات وخاصةً في إفريقيا ومنها السودان والصومال، حتى عندما أرادوا أن يحقّقوا السلام لشعب العراق من الطاغية صدام كما كانوا يدّعون، لكنهم دمّروا العراق وهجّروا شعبه وأحرقوا خيراته، كذلك فعلوا عندما أرادوا تحقيق الأمن والسلام في ليبا واليمن، وأيضاً، حين أرادوا تحقيق العدل في بلدي الحبيب فرضوا على شعبه الحصار ونشروا أولاده لاجئين في أصقاع العالم.. فعن أيِّ سلام تتحدثون، عن أيّة شرعية وعدل تتكلمون؟ من يسعى لفرض سيطرته على العالم لا يمكن أن يحقّق السلام، من ينشر الدمار في أصقاع الأرض لا يمكن أن يصنع السلام، من يدّخر المفاعل النووي، والقنابل المُدمّرة في مخابره لا يمكن أن يبتكر السلام، من يدعم التكفير سراً لا يمكن أن يكون داعية للسلام علناً!!

كل ما يدور من أحداث في العالم يؤكّد عدم شرعية الولايات المتحدة وعدم مصداقيتها وبعدها كل البعد عن احترام حقوق الإنسان والعدالة للشعوب، لا يمكن أن يكون السلام فقط شعارات وبنوداً داخل ميثاق مركون على الرفوف نستحضره كل عام بيوم السلام لنقرأه فقط ونعيده بعد أن نمسح الغبار عنه، السلام نشوة الشعوب لخلاصهم من سكرة الذل، مطلب لتحقيق الأمن والحياة الكريمة، فمن أراد التحدّث به وتحقيقه ونسبه له، عليه أن يغسل يديه أولاً من دم الشعوب، أن يعقِّم فكره من سمِّ التخطيط لقهر هذه الشعوب، أن يزرع السكينة داخله لتبعده عن العبث بمصير الشعوب، لذلك لا شرعية للولايات المتحدة بتحقيق السلام العالمي وفرض العقوبات، فهي أكبر مُحرّك لدمار العالم وأكثر مسؤولية عن تشريد الشعوب، بل وأكثر من سلب خيرات وخلق مجاعات، لذلك لا يمكن للسلام أن يحيا على يد سفاح، حتى الطبيعة لم تسلم من عبثه، والدليل الكوارث المفتعلة في هيروشيما وناغازاكي وتسونامي اليابان!

العدد 1105 - 01/5/2024