أكلتها النملة

أيمن أبو الشعر:

كان الطفلان عامر وسامر مهووسين بالطرائف التي تتحدث عن المفارقات المذهلة في الأحجام وخاصة ما بين الفيل والنملة. وهما جاران من مواليد عام 2005 وكانا يحصلان كل يوم قبل دخول المدرسة على ليرة لكل منهما كمصروف (خرجية) فيشتريان بها بعض المرطبات أو المكسرات وأحيانا يدخران منها بعض القروش، ومن أحب النكات إليهما المفارقة بين وجبة الفيل ووجبة النملة مع بعض المبالغات التي تثير ضحكهما، كأن يقول عامر إن الحديقة القريبة اختفت لأن الفيل أكلها أمس، فيرد سامر في حين ما زالت النملة منذ اسبوع تأكل ذرة الخبز التي سقطت وقد خبأت نصفها كمؤونة للشتاء.

كبر عامر وسامر وعايشا تسارع انخفاض قيمة العملة السورية، ودفعهما الفضول للكشف عن تاريخ الليرة السورية ففوجئا بأنها قبل مئة عام كانت تساوي 20 فرنكاً فرنسياً أي عملياً قرابة 20 دولاراً، ثم راحت تتضاءل من 49 بداية عام 2011 حتى وصل سعر الدولار إلى 1000 ليرة عام 2020 وخلال ثلاث سنوات انخفضت أيضاً 15 مرة وبات الدولار قرابة 15000 ليرة… قال عامر لسامر بأسى: ولكني لم أعد أشاهد الليرة نهائياً، تلك التي كانت تكفينا لبضعة أيام، فقال سامر: لقد تضاءلت إلى درجة أنك تحتاج إلى مجهر لرؤيتها، هزَّ عامر رأسه بأسى وقال: لن أراها حتى بالمجهر، فقد أكلتها النملة، فيما تطحننا أقدام الفيلة وتغرس أنيابها فينا، فمن يرضى أن تكون عملته وجبة للنمال سيغدو وجبة للفيلة؟

 

العدد 1105 - 01/5/2024