أمريكا تزمجر.. وقدرنا المواجهة

كتب رئيس التحرير:

زيادة الضغوط السياسية والاقتصادية على سورية أصبحت السلوك الأبرز للسياسة الأمريكية في المنطقة، بعد نجاح السياسة الوطنية في تحويل التقارب العربي إلى عود سورية إلى الجامعة العربية.

لم يقتصر سلوك الأمريكيين على إفهام الدول العربية بأن الانفراج السوري غير ممكن إلا بالشروط الأمريكية، حتى بعد العودة السورية إلى الجامعة العربية، ولقطع الطريق على محاولات كسر الحصار المفروض انفرادياً على سورية، وسّعت الإدارة الأمريكية تأثيرات قانون (قيصر)، وتستعدّ لسن تشريعات جديدة لتشدّد حصارها أكثر فأكثر، ودعمت وجودها العسكري على الأرض السورية بإضافة أسلحة استراتيجية، في رسالة موجهة للجميع.

حلفاء الأمريكيين في أوربا وكعادتهم انضمّوا إلى (الجوقة)، وحذروا العرب من المضيّ قُدماً في اقترابهم من سورية، وألغوا اجتماعاً كان مقرراً بين الاتحاد الأوربي والجامعة العربية. أما الأدوات الأمريكية في المنطقة وفي الداخل السوري، الذين تخوفوا من التقارب العربي والتركي مع سورية، فقد كثفوا من نشاطهم السياسي والعسكري لمنع قطف ثمار هذا التقارب، ويعملون اليوم على تغذية اصطفافات ونزعات عشائرية ومناطقية وطائفية للوقوف في وجه أي جهد سياسي لتوحيد كلمة السوريين، ويشجعون على المضي في المخطط الأمريكي لتقسيم سورية، ويقودون حملات منظمة لزرع اليأس في نفوس المواطنين السوريين، خاصة بعد أن وصلت معاناة الفئات الفقيرة في البلاد إلى مستويات تنذر بالمخاطر.

لمواجهة الاستشراس الأمريكي في مقاومة أي جهد سلمي لحل الأزمة السورية، ما العمل؟

صحيح أن القطب الأمريكي مازال العامل الأبرز في توجيه السياسة والاقتصاد العالميين، وأن ترسانته العسكرية تهدّد الأمن والسلام على الكوكب في كل يوم، لكن هذا القطب بدأ يدافع عن وجوده في مواجهة فهم جديد لعالمنا تكوّن بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتصميم التجمعات الإقليمية على نبذ عالم القطب الأوحد، وانتهاك سياسات تأخذ في الحسبان مخاطر الاستسلام لإرادة هذا القطب الذي يضع العالم على حافة الهاوية.

وبكلمة أخرى، نحن في الحزب الشيوعي السوري الموحد، أكدنا.. ونؤكد اليوم، أن زمن القرار الأمريكي الملزم للجميع قد ولّى، وأن عالماً جديداً متعدد الأقطاب يتكون شيئاً فشيئاً، وأن هزيمة المخطط الأمريكي في سورية والمنطقة العربية ممكنة، بالاستناد إلى حزمة من الاستحقاقات الخارجية والداخلية:

1- تمتين العلاقة مع الحلفاء، وخاصة روسيا وإيران والصين.

2- استثمار العودة السورية للجامعة العربية في تحفيز الأشقاء على كسر الحصار المفروض على سورية، عبر خطوات يتم التوافق عليها دون المساس بالسيادة السورية.

3- العمل الجدي لإنجاح المساعي الروسية والإيرانية لعودة العلاقات السورية – التركية على قاعدة خروج الاحتلال التركي ولجم المنظمات الإرهابية، وعدم التدخل في الشؤون السورية.

4- الحفاظ على الموقف الوطني السوري المعادي للكيان الصهيوني، والرافض لاستباحة المنطقة العربية من بوابة التطبيع، والعمل بجميع الوسائل لتحرير الجولان السوري المحتل، ومساندة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

5- أهمية إجراء إصلاحات سياسية ديمقراطية واقتصادية واجتماعية، كانت ومازالت تمثل طموح السوريين إلى سورية التي تضم الجميع، وذلك عبر مؤتمر وطني شامل وواسع يضم جميع الأطياف السياسية والاجتماعية والإثنية.

6- تركيز الجهد الحكومي لا باتجاه التخلي عن ملكية الدولة وإدارتها للمؤسسات العامة، وخاصة الاستراتيجية منها، بل البحث عن وسائل لتخفيف معاناة المواطنين المعيشية التي تطحنهم يوماً بعد يوم، وتبدو زيادة الرواتب والأجور بنسبة كبيرة هي المطلب الأكثر إلحاحاً اليوم، بعد عجز الحكومة عن التأثير في الأسواق.

أمريكا ستحاول حتى قطع الهواء عن رئات السوريين، لكن شعبنا تمرّس في مقاومة المخططات الأمريكية.

ساعِدوا الشعب السوري كي يبقى الضمان الرئيسي لصمود سورية.. وانتصارها!

العدد 1104 - 24/4/2024