حكومة الأزمات المفتعَلة

علي شوكت:

يكاد يجزم المواطنون السوريون على تعدّد مشاربهم وشرائحهم الشعبية بأن الحكومة هي التي تقوم بافتعال الأزمات المتتالية والمتلاحقة، والتخبط الواضح في اتخاذ القرارات والإجراءات، وتدّعي الحكومة أن من شأن تلك الإجراءات أن تخفّف من وقع الأزمات المعيشية والخدمية. فتعجز عن تحقيق ذلك وتقود مؤسساتها من فشل إلى فشل، وتدير ظهرها لجميع المطالب الشعبية رغم الوعود المعلنة من قبل مسؤوليها ورغم الإمكانيات البسيطة المتاحة فيما لو توفرت لديها الإرادة الحقيقية واعتمدت في أدائها على الخبرات في إدارة الموارد الطبيعية والبشرية، بدل اعتمادها سياسة التجريب وعدم المسؤولية كما يقال: (هي جرّبت وأخطأت فنالت ثواب المحاولة).

في ظل هذه الحكومة ومثيلاتها من الحكومات الماضية كان ومازال كل شيء تقريباً مفتعلاً، وما إن يخرج المواطن من أزمة حتى يرى نفسه غارقاً بأخرى. فلا يرى من حياته إلا أزمات مفتعلة وكأنه يتعرض لامتحان في الصبر والتحمل.

فها هو ذا يقف في طوابير الأفران المفتعلة التي جعلت منه يركض لاهثاً خلف لقيمات معدودة في ربطة خبزه اليومي.

وها هو ذا ينتظر الرسالة من البطاقة (الذكية) ليحصل على عدة كيلو غرامات من الرز والسكر لمرة أو مرتين في العام.

أما المشتقات النفطية من بنزين وغاز ومازوت تدفئة فحدّث ولا حرج، وكأن حكومته العتيدة تهمس في أذنه بأن السر في توفرها يكمن فقط في تحرير سعرها.

أما بالنسبة لقطع الكهرباء وغيابها ليلاً ونهاراً أضعاف فترات حضورها فيراها المواطن مفتعلة ومقصودة جداً من أجل إجباره على التحول إلى الطاقات البديلة والألواح الشمسية والبطاريات …الخ، بعد أن أحالت الحكومة ليل مواطنيها إلى ظلامٍ دامس.

وكذلك الأدوية والسلع الغذائية بارتفاع مستمر.

فيما تبقى مستلزمات الإنتاج وخاصة الإنتاج الزراعي دون الحد الأدنى مما هو مأمول، وهي تشير إلى أزمة مفتعلة من سوء التخطيط زراعةً وإنتاجاً.

فالقمح الذي يعتبر محصولاً استراتيجياً وفي أول القائمة الغذائية لدى السوريين، يشهد تعثراً واضحاً في ميدان الزراعة، من تأمين البذار ومستلزمات الإنتاج من محروقات وسماد ومياه وصولاً إلى حصاده وتسليمه للمؤسسة العامة للحبوب مروراً بسياسة تسعيره التي كادت أن تطيح به وتجعله خارج العملية الزراعية، إذ بات مستهدفاً بأزمة مفتعلة. فبعد زيارة السيد رئيس مجلس الوزراء إلى مراكز استلام الحبوب في منطقة الغاب في محافظة حماه، كان عدد الجرارات المسلمة لمراكز الحبوب حوالي مئتي جرار يومياً، فأصبحت بقدرة قادر خمسة وعشرين جراراً مع عدم السماح للقاطرات المقطورة بتفريغ حمولتها، فارتفعت بذلك مباشرة أجرة الجرّارات التي باتت تصطف في طوابير طويلة ويصل تأجير الجرّار للحمولة الواحدة إلى نحو مليون وأربعمئة ألف ليرة للنقلة الواحدة بدلاً من ثلاثمئة ألف ليرة، وبذلك تزيد من معاناة الفلاحين وترهق كواهلهم.

والشوندر السكري أيضاً كان له أزمته المفتعلة، فخرج خارج العملية الإنتاجية وتحول لمادة علفية، لعدم التمكن من تشغيل معمل السكر، فهل يعقل أن يباع الكيلو الواحد بأربعمئة ليرة مع وجود نسبة سكر بحدود مئة وخمسين غراماً لكل ١كغ، فيما يباع كمادة علفية بـ ٦٠٠ ل. س لكل ١كغ؟! والتبغ يكاد يخرج من العملية الإنتاجية أيضاً، وغيرها الكثير من الأزمات المفتعلة، إلى أن أصبحت تسمية حكومة الأزمات المفتعلة راسخة بذهن المواطن السوري. فلمصلحة مَن؟ ولماذا؟ وكيف؟ آلاف الأسئلة تدور برأسه دون جواب.

 

11/6/2023

العدد 1104 - 24/4/2024