فاصل ترفيهي للقمة العربية هو حضور زيلينسكي

براغ – التشيك – المهندس نزار طرابلسي:

أسئلة هامة تطرح عن حضور زيلينسكي مؤتمر القمة العربية في جدة؟

هل هي مقايضة أمريكية غربية حضور سورية ممثلة بالرئيس الأسد مقابل حضور زيلينسكي؟

أم هي لخطف الأضواء عن أهمية هذه القمة والتعتيم على مغزاها وخاصة مشاركة سورية فيها؟

انعقدت القمة العربية في جدة تحت شعار لم الشمل العربي وعودة سورية لتأخذ مكانتها في هيئات الجامعة العربية ولجانها. وقد سبقتها عدة أحداث ولقاءات متسارعة، من اللقاء التاريخي بين إيران والسعودية برعاية صينية، ومباركة روسية وإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والعمل على حل المشاكل العالقة والبؤر الساخنة من اليمن إلى سورية والعراق ولبنان وغيرها. والحدث المهم زيارات متتالية لرؤساء ووزراء خارجية الدول العربية إلى سورية وإعادة العلاقات الدبلوماسية مع بعضها، وتوجيه دعوة رسمية إلى سورية وللرئيس بشار الأسد لحضور أعمال القمة، إضافة إلى كسر الحصار الاقتصادي المفروض على سورية بما يسمى قانون قيصر، أثناء الزلزال الأليم الذي أصاب سورية والبدء بقوافل وجسور جوية من المساعدات العينية لمتضرري الزلزال من أكثرية الدول العربية. فضلاً عن تضامن غالبية الدول في العالم مع سورية وكسر الحصار الدبلوماسي واتصال غالبية الرؤساء مع الرئيس السوري والتعبير عن تضامن هذه الدول وشعوبها مع الشعب السوري.

كل هذه التطورات اقلقت أمريكا والغرب، فسعت وتسعى لتدمير سورية وتشديد الحصار الاقتصادي وتجويع الشعب السوري. وبدا الامتعاض من انفتاح الدول العربية على سورية ودعمها ومساعدتها رغم العقوبات والحصار الجائر عليها. واللقاءات والزيارات الرسمية وفتح السفارات والبدء بخطة إعادة إعمار سورية.

كل هذه التطورات المتسارعة والتي توجت بدعوة سورية لحضور القمة، أعطت ردة فعل سلبية لدى الدوائر الغربية والأمريكية وبدؤوا بالتفكير بوضع العراقيل والضغط على الدول العربية بعدم الموافقة على حضور الرئيس السوري القمة. أو إذا كان لابد من ذلك أخذ تنازلات من سورية مقابل حضورها القمة وأن لا يكون ذلك دون ثمن. ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل. وبدأت الأضواء كلها تتجه نحو مشاركة ووجود سورية في قمة السعودية بجدة. وارتياح عربي كامل من لم الشمل العربي المتمثل بحضور سورية المتمثل بالرئيس بشار الأسد شخصياً. فلم يبقَ لدى أمريكا والغرب أي مشروع لإفشال القمة وخطف الأضواء عن حضور سورية المهم. وطرحوا ورقة ضغط على القائمين على القمة العربية والسعودية وبعض دول الخليج بالموافقة على دعوة الرئيس الأوكراني زيلينسكي لحضور القمة مقابل التغاضي عن حضور سورية والرئيس الأسد. وكانت مفاجأة غريبة وخارجة عن نطاق وبرنامج أعمال القمة العربية حضور زيلينسكي وإلقائه كلمة في الجلسة الافتتاحية.

ولكن رغم كل هذه المحاولات لم تتمكن أمريكا والغرب من تحقيق هدفهم بحضور زيلينسكي. لأن حضوره لم يعطِ أي أهمية ومغزى وانتهى بعد انتهائه من الكلمة وكأنه لم يكن موجوداً وكان وجوده خارجاً عن المألوف وعن العرف الدبلوماسي العربي وبرنامج أعمال القمة والقمم السابقة. لأن الأضواء بقيت متجهة نحو مشاركة سورية ووجود الرئيس الأسد فيها. وكذلك الأضواء العالمية كانت موجهة لها ولأهميتها والقرارات الهامة التي اتخذتها بعيداً عن الأزمة الأوكرانية، لأنه لدى العرب من ملفات ومشاكل يتطلب حلها قمماً متعددة وأهمها القضية الفلسطينية ووحدة الراي والكلمة ولم الشمل العربي، مما يؤدي إلى وضعها في صدارة الملفات العربية. وهذا لا يعني أن لا يكون للجامعة العربية موقف مبدئي ضد النازية الجديدة في أوكرانيا ودعم الوساطات الصحيحة لإنهاء النزاع الأوكراني وتحقيق السلام ومن أهمها الوساطة الصينية. لأنه منذ إنشاء الجامعة العربية لم تتعرض لموقف مثل هذا كما حدث في قمة السعودية بدعوة طرف دولي يتعرض في الداخل لنزاع عسكري. مع العلم أن كوبا تتعرض لحصار جائر منذ أكثر من 60 عاماً ومآسي الشعب اليوغسلافي نتيجة قصف الناتو لأراضيه، والحرب الجائرة في فيتنام، إلى احتلال أفغانستان إلى بؤر وحروب مختلفة في العالم. ولم يسبق دعوة ممثليها إلى حضور قمة من القمم العربية.

وفي النهاية انعقدت القمة وحققت هدفها الأساسي، لم الشمل العربي بوجود سورية ومشاركة رئيسها أعمال القمة والقرارات والتوصيات التي تصب في العمل على حل النزاعات وعدم السماح للخارج والأجنبي بالتدخل. وعلى الشعوب أن تحل مشاكلها الخاصة بها ورفض التدخل الخارجي. وسقطت أوراق ورهانات أمريكا والغرب، وحضور زيلينسكي لم يضف أي شيء، بل يعتبر حضوره فاصلاً ترفيهياً لا أكتر ولا أقل.

العدد 1105 - 01/5/2024