هل آن الأوان لأمم متحدة جديدة؟

طلال الإمام ـ السويد:

كتبت منذ عدة سنوات خاطرة محتواها أن منظمة الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها استنفدت بشكلها الحالي فرص وجودها والهدف الذي أنشئت من اجله، لذلك حان الوقت للبحث عن صيغة جديدة لهيئة دولية تساهم في توطيد السلم والعمل على مكافحة الحروب، الفقر، الأمراض والجهل.. هيئة تكون جميع البلدان المنضوية فيها تملك الحقوق والواجبات ذاتها.

لقد مرت البشرية بوضع مشابه بعد الحرب العالمية الأولى ونشأت عصبة الامم التي فشلت أيضاً في تنفيذ أهدافها وفي منع وقوع الحرب العالمية الثانية، فجاء تشكيل هيئة الأمم المتحدة الحالية على أنقاضها.

المتابع لسلوك الامم المتحدة وهيئاتها في العقدين الماضيين بشكل خاص يؤكد فشلها وتحوّلها إلى أداة في يد بعض الدول الكبرى. فهي لم توقف الحروب، ولا التدخل الخارجي، ولم تنجح في محاربة المرض والجهل والفقر وووو… وبكلمة فشلت في تحقيق أهدافها، بل تحولت إلى أداة لفرض أجندات بعض الدول الكبرى: الولايات المتحدة وحلفائها.

خطرت في ذاكرتي هذه الأفكار بعد أن قرأت أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت قرارات باعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين! أية مهزلة هذه؟! وفي أي زمن نعيش؟ تلك المحكمة تغمض عينيها وتقطع لسانها عن جرائم تقع أمام أعينها عن محتل شرد شعباً ومغتصب لأرض، عن رؤساء أمريكيين وأوربيين شنّوا حروباً في فيتنام، أفغانستان، العراق دمروا واحتلوا بلداناً وقتلوا أبرياء دون أن تحرك تلك المحكمة أية دعوى بحقهم بل ولم تصدر حتى مجرد إدانة.

إن هذه الممارسات وغيرها تؤكد مرة أخرى الحاجة إلى منظمة دولية وهيئات جديدة وهذا لن يحدث إلا في عالم متعدد الأقطاب تعلو فيه مبادئ السلم والعدالة.. وهذه هي المعركةً التي تجري اليوم: عالم أحادي القطب يتراجع ويموت ببطء، وعالم جديد متعدد الأطراف يولد ويشق طريقه بصعوبة لكن بثبات.

نعم، لقد آن الأوان لبدء التفكير بتشكيل هيئة دولية ذات صلاحيات، على أنقاض هيئة الأمم المتحدة ومؤسساتها الفاشلة، أو إجراء إصلاحات جذرية في هذه الهيئة.

+++++++++++

 

  • عالم أحادي القطب يتراجع ويموت ببطء، وعالم جديد متعدد الأطراف يولد ويشق طريقه بصعوبة لكن بثبات
العدد 1105 - 01/5/2024