الحكومة تنظّف منزلها “من قريبو”!

ريم سويقات:

لطالما كان الحل الأبرز لمعالجة مشكلات المجتمع السوري، من قبل حكومته، هو حل ترقيعي، سطحي، يشبه ما يقال في اللغة المحكية، “تنضيف من قريبو”.. فالحكومة الموقرة تعمل جاهدة على تقديم صورة توحي بأن الأمور على ما يرام وتدفن ما يمكن رؤيته من الغبار المتكوم في الزوايا لتحفظ ماء وجهها أمام مواطنيها، فإذا كان هناك مشكلات اقتصادية واجتماعية أفرزتها الحرب، فهناك أخرى نتجت من سوء إدارة وتخطيط حكومي، سبّب بؤساً وشقاءً للسوريين، لدرجة وصل فيه غالبية المواطنين إلى خط الفقر بنسبة تجاوزت 85%.

إن فقر غالبية السوريين وما نتج عنه من انخفاض وانعدام القدرة الشرائية، دفع العديد منهم إلى البحث عن وسائل يتمكنون فيها من تأمين الطعام لأطفالهم، فمنهم من استدان أو باعت عائلته أملاكها لتأمين الهجرة إلى خارج البلاد في سبيل العمل، وهو يكابد عناء حصوله على جواز سفر بعد الانتظار الطويل ليحصل على دور في المنصة الإلكترونية ويتمكن من الحجز فيها.. أو اضطر إلى دفع مليون ليرة، بعد  رفع الحكومة رسوم الحصول على جواز فوري، أما من لم يستطع تحمل تكاليف السفر، فقد اضطر إلى ترك تحصيله العلمي كي يحصل على عائد لايغطي ربع احتياجاته.

أما البعض ممن استسهل ارتكاب المحظور القانوني والاجتماعي، ولم يستطع الصمود والتحلي بالصبر، فقد ساقته غرائزه إلى ارتكاب جرائم السرقة، وأبرز مثال على ذلك ما حدث من سرقة مواد غذائية من السورية للتجارة، ومحال تجارية أخرى كمحال الصياغة والمعدات الطبية وغيرها في أغلب المحافظات السورية، لدرجة وصل الحال بالبعض إلى قطع أشجار الزيتون وسرقتها، كما حدث منذ أيام قليلة في ريف طرطرس «قرية السودا»، هذا عدا سرقة المنازل.

بينما كان أخطر ما خلفه الوضع الاقتصادي والمعيشي، هو حالات الانتحار وجرائم القتل التي كان بعضها بدافع السرقة أيضاً، ومن يتابع صفحة وزارة الداخلية الرسمية على صفحة الفيسبوك، يقرأ أنه بشكل يومي تحدث مثل تلك الجرائم.

وحينها تلجأ وزارة العدل إلى اتخاذ العقوبات اللازمة في ضوء القانون وفق الدستور السوري ولا خلاف على ذلك، ولكن  الحد من تلك الجرائم في مجتمعنا لا يمكن علاجه فقط في تطبيق عقوبة السجن أو الغرامة وحتى الإعدام.

ألم يسأل المعنيون في مختلف الوزارات ما الدافع الحقيقي وراء كل تلك المشكلات المجتمعية؟

أيها السادة، لطالما صرحت الحكومة أن عمل الوزارات مترابط، لمَ لا تعمل على تنفيذ ما تقوله، إن الردع لا يكون فقط بسجن حرية المجرم ضمن أربع جدران فقط، بل بتأمين مقومات الحياة التي تجعله يعيش بكرامة قبل أن يتحول إلى مجرم، لأن إحساس البعض بالحاجة تدفعهم  إلى السلوك الشاذ.

لإنقاذ المجتمع من تلك الجرائم، والحفاظ على مستقبل الشباب، لا بد من تغيير الذهنية الاقتصادية الاجتماعية في الخطط الحكومية، وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين، فتنظيف المنزل من قريبه لا يفي بالغرض إذا أرادت الحكومة أن يتحلى مواطنيها بالصبر ويبقوا في بلادهم سالمين.. صامدين.

دام عزكم.. ما رأيكم؟

العدد 1105 - 01/5/2024