السويد.. من السلام إلى الحرب!

هانس أوهرن (Hans Öhrn) وطلال الإمام_ السويد:

انتقلت السويد في وقت قصير جداً من كونها دولة غير منحازة ولها دور ايجابي في تولي دور الوسيط في نزاعات مختلفة، إلى دولة تروّج للحرب، فالآن يقول أكثر من 60 في المئة من السكان: نعم لانضمام السويد إلى حلف الناتو. لقد أفسح هذا التحول السريع المجال للاتجاهات السياسية الهامشية سابقاً، لتشكيل هذا المزاج في الرآي العام. هذا هو السبب في أنه من الممكن في السويد اليوم حرق القرآن خارج السفارة التركية والانضمام لمعسكر الناتو ونشر مشاعر للتركوفوبيا والإسلاموفوبيا.

بعد حرق القرآن خارج السفارة التركية في 21 كانون الثاني (يناير) مباشرة، خرج زعيم حزب ديمقراطيي السويد SD، جيمي أكيسون، ووصف رئيس تركيا رجب طيب أردوغان بأنه (ديكتاتور إسلامي). إن حزب ديمقراطيي السويد SD هو حزب عنصري ذو جذور نازية يريد طرد معظم اللاجئين الذين قدموا إلى السويد، الذين غالباً ما فروا من الحرب التي ساعدت السويد في تمويلها بشكل مباشر أو غير مباشر، مثل الحرب على سورية. يبدو من الواضح الآن أن أموال المساعدات السويدية ذهبت إلى بعض الجماعات الإرهابية، واستخدمتها الدول الغربية لإحداث تغيير الحكومة في دمشق.

في الوقت نفسه الذي أدلى فيه أوكيسون بتصريحه هذا، حاول رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، صب الزيت على النار من خلال الخروج والاعتذار لكل مسلم شعر بالإهانة من حرق القرآن. صحيح أن حزب ديمقراطيي السويد SD ليس جزءاً من حكومة كريستيرسون، ولكن له تأثير حاسم على الحكومة السويدية، إذ لا يمكن حصول الموافقة على أي اقتراح في البرلمان السويدي دون دعم هذا الحزب SD.

ومع ذلك، لا يمكن إلقاء اللوم فيما يخص المناخ السياسي المتقلب في السويد على أوكيسون أو كريسترسون فقط، فقد كانت الحكومات السابقة، وقبل كل شيء، الحكومات الاشتراكية الديمقراطية، هي التي أرست هذا الأساس للتطور السياسي الأخير في السويد، الذي تجلى في العنصرية الصريحة وخطاب الحرب.

فخلال فترة الحكومة الاشتراكية الديمقراطية السابقة اتخذ قرار التخلي عن مبدأ حرية التحالف السويدية والسعي للانضمام الى حلف الناتو. إضافة إلى ذلك، عززت السويد في العقود الأخيرة وبشكل كبير التعاون العسكري مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي. السويد، على سبيل المثال، هي جزء من التعاون العسكري مع الناتو، الذي يحمل اسماً مضللاً للغاية (الشراكة من أجل السلام).

وقد تعمق هذا التعاون الآن أيضاً بدعم من جميع الأحزاب السياسية في البرلمان السويدي، باستثناء حزب اليسار، الذي رغم ذلك ينخرط في خطاب الحرب من خلال دعم شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا. الهدف من التعاون هو أن تحصل السويد، إذا أوقف أردوغان انضمام السويد إلى الناتو، على موقع عسكري في الناتو يتوافق مع العضوية.

يضاف إلى ذلك حقيقة أن كلاً من الحكومتين الحالية والسابقة قد بثتا الحياة لفترة طويلة في رهاب روسيا، الذي كان دائماً، لأسباب تاريخية، موجوداً في المجتمع السويدي. كل ما هو سيئ يلقى باللوم فيه ولحد كبير على فلاديمير بوتين. على سبيل المثال، يُلقى اللوم في التضخم المحلي على بوتين، ويتحدث السياسيون السويديون عن (أسعار بوتين) عند مناقشة التضخم.

إن من الخطأ إلقاء اللوم على القوى المتطرفة فقط وتحميلها مسؤولية تحول السويد من دولة شمال أوروبية غير منحازة وتعمل للسلام، إلى دولة عنصرية ومُشجعة للحرب، المسؤولية تقع وبشكل كبير على الحكومات السويدية المتعاقبة خلال العشرين عاماً الماضية، فهي تتحمل مسؤولية كبيرة في هذا التوجه.

العدد 1104 - 24/4/2024