كنّ ببيتك!

محمود هلال:

يُقال في كانون: (كانون كنّ ببيتك.. كثّر حطبك وزيتك!) لأنه يعدّ أغزر أشهر السنة مطراً وبرداً، وقد هطلت الأمطار بأغلب المناطق، وكذلك الثلوج على المرتفعات الجبلية، واستبشر الناس خيراً بوفرة مياه الشرب صيفاً، كذلك الفلاحون والمزارعون وأصحاب المواشي. لكن للأسف أوشك كانون على الانتهاء ولم يكن عند الغالبية لا حطب ولا زيت، فإلى الآن كثيرون لم يحصلوا على مازوت التدفئة ومازالوا ينتظرون الخمسين ليتراً المخصصة لشتاء هذا العام، وكذلك لم يستطيعوا شراءه من السوق السوداء بسبب ارتفاع أسعاره التي تجاوزت عشرة آلاف ليرة لليتر الواحد، وكذلك ارتفاع أسعار الحطب إلى نحو ألفين ليرة وأكثر في هذا العام.

في هذا الشهر العصيب، الكل يريد أن يثبت فحولته، فقد استفحل بردُ كانون هذا العام وأمطاره فزادت أسعار وسائل التدفئة من مازوت وغاز وحطب، وكل مصدر دفء، وقد نخر البرد أجساد الناس وجيوبهم الفارغة، وقد كشّر تجار المحروقات عن أنيابهم وخاصة في المناطق الباردة والقريبة من البادية، وأخذوا يتحكمون بسعر المازوت ويرفعون سعره كما يشاؤون، والسؤال: متى سيُوزَّع مازوت التدفئة ؟ هل يكون في الخريف القادم؟ وكيف للناس أن تدبّر حالها حتى يمر هذا الشتاء بسلام في ظل الأوضاع الحالية؟! مع انقطاعات طويلة للكهرباء ووصول ساعات التقنين إلى نحو 23 ساعة في الـ 24 في بعض المناطق، وانتظار لأسطوانة الغاز إلى نحو ثلاثة أشهر، لم يبقَ أمام المواطن سوى البرد، والبرد كما يقال هو سبب لكل علة وللمرض، ما سيزيد (الطين بلة) ويتطلب نفقات إضافية للدواء الذي زاد سعره مؤخراً بنسبة 50% لمعظم أصناف الأدوية، فضلاً عن كشفيات الأطباء التي باتت لا تطاق!

لقد أثبت الغلاء فحولته في هذا الشهر أيضاً، إذ ارتفعت جميع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والتموينية ( سكر، أرز، الزيوت، السمنة، القهوة، المتّة،…الخ) وغيرها من السلع على نحو جنوني، وأخذت الأسعار تنط بشكل متقطع النظير، الأمر الذي أدى إلى تخبط في الأسواق ، وكذلك فقدان بعض المواد في الأسواق، واحتكارها من قبل بعض التجار والباعة  لكي تباع بأسعار أعلى، والخوف والقلق مازالا سيد المشهد، خاصة عند أصحاب الدخل المحدود والموظفين، إذ يرون رواتبهم وأجورهم تتهاوى أمام ارتفاع الأسعار، بين لحظة وأخرى، وباتت لا تغني ولا تسمن، وبات الراتب يحتاج إلى أضعاف مضاعفة ليكفي الحاجات الأساسية والضرورية للأسرة، وذلك مع كل الإجراءات التي اتخذتها الأسرة السورية من سياسات شد الأحزمة على البطون للآخر، وإلغاء للعديد من أصناف الطعام والشراب والنفقات، وإعلان حالة  الاستنفار في جميع الأوقات وعلى مدار الـ24 ساعة.

يبقى السؤال: كيف للناس أن تستطيع التحمل لكل هذه الظروف الصعبة، أم تكمل كينونة الشتاء تحت اللحاف؟

 

العدد 1104 - 24/4/2024