وصفات حكومية لطبخات البحص

ريم سويقات:

لعلّ عمل حكومتنا الموقرة يشبه تعلّم امرأة متزوجة حديثاً فنون الطهي، إذ تجعل من معدة زوجها وأطفالها مكاناً تجرّب فيه استقبال الطعام وطحنه، هذا ما يظهر جلياً في القرارات التي تصدرها الحكومة، فكلما رغبت بتناول طبق جديد تعمل على تجربتهِ في معدة مواطنيها، فيتذوق المواطن نوعاً جديداً ربما لا يختلف عن غيره من الأطعمة إلا بحرق زائد أو نصف استواء، فيأكله نيّاً، ولكن كيف سيكون مذاق طبق (تحرير الأسعار) يا ترى؟ وكم هو مناسب إدراجه في قائمة المأكولات السورية؟

بداية قبل إعداد الطعام، لا بد من معرفة المكونات الأساسية له، التي ربما تغافل عن معرفتها المعنيون بالأمر، معتبرين انها لن تشكل فرقاً شاسعاً في المذاق الأساسي. ما دامت معدة السوري اعتادت على تناول كل الأطعمة السابقة بكل النكهات، ولا خوف ربما من المراهنة على تحمل مذاق آخر جديد يسبب التهاب في الأمعاء.

عزيزي القارئ، إن تحرير الأسعار يعتمد في المقام الأول على فكرة المنافسة في السوق، ولهذا إيجابيات عديدة في حال توافر المقومات التي تسمح بتحقيق تلك المنافسة، إذ يعمل التاجر، قسراً وليس خُلقاً، على تحديد سعر معقول يمكّن المستهلك من شراء السلعة،  فهو غير قادر على رفع السعر، خوفاً من أن يعمل منافس آخر من التجار على تخفيض ثمن السلع، فيشهد متجره إقبالاً كبيراً لعملية الشراء، بينما تضعف عملية الشراء في المتاجر التي رفعت سعر السلع، وهذا ما يخدم جيب المستهلك نهاية، ولكن السؤال هنا: كيف يمكن تحقيق المنافسة وتوفير هذه الخدمة للمواطن في ظل غياب المقومات الأساسية؟

لا يمكن تطبيق مبدأ تحرير الأسعار، دون محاربة الفاسدين المحتكرين لسلع متعددة، لأن احتكار سلعة ما سيؤدي إلى فقدانها من السوق وسيتحكم التاجر المحتكر بسعرها، وهذا لا يتطابق مع مبدأ المنافسة في السوق، ولعل أقرب مثال للأذهان فقدان مادة المتة من الأسواق نتيجة احتكار البعض لها، إذ وصل ثمن علبة متة الخارطة وزن ٢٥٠ غ إلى ١٤ ألف ل.س. واستقر منذ أيام على ٧٥٠٠ ل.س.

أمّا المقوم الثاني الأساسي، فهو ثبات سعر الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية الأخرى، وهذا غير متوفر في بلادنا.. لا سيما أن السوق السوداء لا تستقر على سعر محدد.

أيها السادة، في ظل غياب مكونات طبق الحكومة الجديد، وما يقابله من ابتلاع حيتان السوق واحتكارهم لسلع بعينها،  ما نسبة عدم حدوث التهابات معوية للمواطن الصابر الذي يأمل بالتحسن بعد التجارب الكثيرة الماضية؟

إن اصلاح عمل الوزارات وملاحقة المقصرين ومعاقبة الفاسدين، يساهم في بناء اللبنة الأولى لاقتصاد سليم، والعمل على استرجاع الثروات، لنقلل من الاستيراد فبلادنا غنية بالخيرات، فلا يمكن تناول طعام مفيد ومذاقه جيد، دون توافر جميع المكونات اللازمة له.

دام عزّكم، ما رأيكم؟!

العدد 1105 - 01/5/2024