جمهورية بلا رئيس.. رئيس بلا جمهورية

أحمد ديركي:

وفقاً للدستور اللبناني، لبنان جمهورية تتبع النظام البرلماني. أي إن البرلمان النيابي ينتخب رئيس الجمهورية. طبعاً النظام البرلماني في لبنان ليس بهذا المفهوم، بل هو برلماني مشوّه، ولا هو نظام رئاسي بالمفهوم الصحيح. يُضاف إلى التشوّه البرلماني والرئاسي تشوّه (العيش المشترك)، تلك البدعة (الديمقراطية) المشوّهة للديمقراطية، كل هذه التشوهات ولدت جمهورية مشوّهة غير واضحة المعالم.

تشوّه واضح المعالم، مولّد لأزمات دورية، ولا من جهد مبذول لعلاج ولو جزء من هذه التشوهات. حالياً انتهت ولاية رئيس الجمهورية ولم يُنتخب رئيس للجمهورية. فهل يُعقل أن توجد جمهورية بلا رئيس جمهورية؟!

نعم. فهذه ليس المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، التي يدخل فيها لبنان في الفراغ الرئاسي. هنا من البديهي أن يُطرح السؤال التالي: ما دام يمكن للجمهورية أن توجد بلا رئيس جمهورية فما الحاجة إلى رئيس جمهورية؟ لا حاجة له.

ولا يتوقف الأمر على رئيس الجمهورية، بل كذلك الحكومة. فالحكومة الحالية حكومة انتقالية! وهنا تداخلت النصوص والتفسيرات الدستورية. طبعاً كل مشرع دستوري يمكنه أن يفسر على هواه لأن النصوص مبهمة عن قصد. الحكومة مثلها مثل منصب رئيس الجمهورية في لبنان. أي يمكن أن يكون في لبنان رئيس جمهورية ولا توجد حكومة! ما دام يمكن للجمهورية أن توجد بلا حكومة فما الحاجة إليها؟ لا حاجة.

لا حاجة إلى رئيس جمهورية ولا حاجة إلى حكومة ما دامت الأمور تسير بالشكل اللاصحيح. أي يمكن استنتاج ما يلي: إن لبنان ليس بجمهورية. وهنا من البديهي أن يكون هناك رئيس للجمهورية بلا جمهورية، ما دام للجمهورية أن توجد بلا رئيس. ويمكن للحكومة أن توجد بلا جمهورية ما دام هناك جمهورية بلا حكومة.

فما سوف نشهده خلال الأيام التالية يؤكد أن الجمهورية اللبنانية لا تحتاج إلى رئيس جمهورية، لأن أزمات انتخاب رئيس الجمهورية دورية واعتيادية، وكذلك الحكومة، أزماتها دورية واعتيادية. وبهذا يمكن للعكس أن يكون صحيحاً. الكل حالياً بانتظار دكتور التجميل الآتي من الخارج لإجراع عملية تجميل لإنتاج رئيس جمهورية يتوافق مع تشوه الجمهورية، وكذلك حكومة تتوافق مع تشوهها. إلى يأتي الدكتور يمن الإنتظار لفترة زمنية غير محدودة، تتعلق محدوديتها بملفات وتسويات خارجية وما على الداخل سوى التنفيذ.

 

العدد 1105 - 01/5/2024