لسانك.. حصانك!

إيناس ونوس:

يقول المثل: (لسانك حصانك، إن صنته صانك، وإن خنته خانك!).

هو الشَّيء ذاته ينطبق عليك حين تمتهن أو تحترف الكتابة في أيِّ مجالِ كان إبداعياً أو سياسياً أو توعوياً أو غيره، فإن اعتليت صهوة هذا الحصان فإمَّا أن تكون أنت.. أو لا تكون!

أن تكون أنت، معناه أن تكون كلماتك وأفكارك نابعةً من صميم قلبك وعقلك ولغتك الخاصَّة، أساسها فكرك وما تحمله من رؤىً وما تتبنَّاه من معتقداتٍ وآراء.

أن تكون أنت، معناه أن ترسم ملامح شخصيتك عبر حروفك وتراكيبك، فتقدِّمها للقارئ بكلِّ بساطةٍ دون تكلُّفٍ أو بهرجة.

أن تكون أنت، يعني أن تكون راضياً عن كلِّ حرفٍ متماهياً مع كلِّ جملةٍ أو فكرة، وكأنَّك تقول للقارئ: (ها أنا ذا أمامك بكلِّ تجلياتي، ولك كامل الحرية بأن تتقبَّلني أو ترفضني).

وبهذا، فإن تقييم الآخر لك اعتماداً على ما تطرحه أو ما تقدِّمه من أفكارٍ أو حلولٍ أو رؤىً يهمُّك جداً ويعنيك كلُّ تفصيلٍ فيه، وربَّما يساعدك في تحديد دربك الشَّائك الذي اخترت أن تمضي به حتى النِّهاية، بينما نراك ترفع كتفيك بلا مبالاةٍ حينما يتمُّ تقييمك على أساس انتمائك إلى هذا أو ذاك، وكأنَّ لسان حالك يقول: (أنا أنتمي إلى ذاتي وحسب)، غير آبهٍ بأيِّ شكلٍ من أشكال التَّرغيب في حال جاءت آراؤك متطابقةً مع الآخرين، أو التَّهديد والوعيد في حال كنت واقفاً على النَّاصية الأخرى.

وهذا ما يجعلك شيئاً فشيئاً ناطقاً بلسان حال كلِّ من لا يمتلك القدرة على البوح أو الصُّراخ، ما يحمِّلك مسؤوليةً جمَّةً وخطيرةً بآنٍ معاً، فالكلمة سلاحٌ ذو حدَّين، وعليك أن تعرف كيف تستخدمها وأين تضعها.

أمَّا إن اخترت ألَّا تكون أنت ذاتك، فمعناه أنَّ كلَّ ما تتفوَّه به ليس إلَّا مجرَّد كلامٍ عابرٍ يتغيَّر حسب الظُّروف والمعطيات.

معناه أنك اخترت أن تكون حرباءَ تتلوَّن بتبدُّل البيئة المحيطة لحماية نفسها من الخطر، وأن تكون تلك الآراء والأفكار التي تطرحها لا علاقة لها بك شخصياً، بل ترتبط بشكلٍ مباشرٍ مع الدَّاعمين لك، وما يعرض عليك من وسائل التَّرفيه والبذخ وركوب الأمواج الآنية، ما يجعلك تعبِّر عن ذاتك على أنك أحد الأبواق وحسب.

يصعد نجمك فترةً من الزَّمن بحسب الحاجة لك، ويأفل عندما لا يشكِّل وجودك قيمةً مضافة، وعلى هذا فأنت هنا بعيد كلَّ البعد عن الشَّارع وعن أولئك الذين لا صوت لهم، وبالتالي لا مصداقية لك عندهم.

اعتماداً على الصُّورة السَّابقة، فما عليك قبل أن تمسك القلم وتبدأ باعتماد الكتابة كمشروعٍ شخصيٍّ هادفٍ إلَّا أن تقف أمام مرآة روحك وتختار: إمّا أن تكون، أو لا تكون.

العدد 1104 - 24/4/2024