أحلامٌ دُفنت تحت عجلات باص دوار جنوبي!

ريم سويقات:

كثيرةٌ هي الوقائع الغريبة التي تحدث في بلدنا سورية، ولا سيما وقائع الموت، التي تنال حديثاً من فئة الشباب، ناتجة عن أخطاء أو سوء في الإدارة وانعدام المسؤولية وضعف الرقابة في مختلف الميادين، فمن وفاة الشاب حامد البارودي الذي يبلغ من العمر ٢٢ عاماً، نتيجة خطأ طبي في مشفى الغزالي، إلى وفاة الشاب محمد حمشو، الذي يبلغ من العمر ٢١ عاماً، دهساً تحت عجلات باص دوار جنوبي، ووافته المنية يوم الأحد الماضي، عند نقطة الجمارك على طريق المتحلق الجنوبي.

إذ لقي الشاب حتفه، وهو يحاول اللحاق بالباص للوصول إلى جامعته، وذلك في اللحظة التي أقلع فيها، فحين كان الشاب يهمّ بالصعود، بدأ الباص بالتحرك، فبقي نصف جسده معلقاً في الهواء خارج الباص، مما أدى إلى انزلاقه، قبل أن يجد السائق الوقت اللازم لوقوف حافلته، وأن يصبح الشاب تحتها.

عزيزي القارئ، كيف كان حل الحكومة الإسعافي لتلك الفاجعة، ورغبة منها في تفادي حدوث ذلك مرة أخرى؟

بالطبع لا يوجد جديد في طرق المعالجة، وكما جرت العادة عند حدوث شيء ما يشهد، ويفضح الأخطاء والفشل الحكومي في تسيير أمور الشعب، تعلن الجهات المعنية فتح تحقيق، وما اكثرها دون جدوى، إذ غالباً ما يتم اصطياد من في الواجهة، دون البحث والتركيز على الأسباب الأساسية التي تقف وراء المشكلة.

إذ تم توقيف السائق في السجن لمدة ٤٥ يوماً، بموجب الحق العام، ذلك السائق الذي لا حول له ولا قوة، في ظلّ الازدحام الشديد الذي يعترضه حين توقفه لإنزال الركاب أو صعودهم.

لماذا لا يتم بموجب الحق العام أيضاً توقيف المقصرين والفاسدين على عدم قدرتهم في تنفيذ المهام، الذين وُضعوا في مناصبهم من أجلها، بدلاً من توقيف سائق كان في واجهة الحدث ولا ذنب له فيه، وخاصة أنّ البلاد تعاني من أزمة تنقل داخل المدن الكبرى، وتحديداً في دمشق منذ أمدٍ طويل، لم يتم حلّها رغم كل الوعود الحكومية بتحسين واقع المواصلات.

وعلى العكس من ذلك يشهد المواطنون كل يوم سباقاً على اللحاق بالسرافيس او الباصات من أجل موطئ قدم فقط، في حين يشهد بعض المعنيين في أحلام يقظته خلاف ما يراه المواطن، فقد صرّح مدير النقل الداخلي موريس حداد: (إن هناك وفرة في خط دوار جنوبي عن غيره إذ يوجد ٢٠ باصاً، ويمرّ كل ربع ساعة باص، بإمكان المواطن الانتظار قليلاً ويصعد في الباص الآخر، لكن المواطن لا ينتظر).

أيها السادة، إن حلّ أزمة المواصلات يتطلب حلّاً علمياً مدروساً وتوظيف اختصاصين لاقتراح الخطط الممكنة تنفيذها في ظل الوضع الاقتصادي الذي تشهده سورية وفق الإمكانيات المتاحة، وتنفيذ الوعود المتضمنة: صيانة الباصات المعطلة، والتزويد بباصات جديدة من قبل الشركات الاستثمارية، لا أن تقتصر الحلول على معاقبة السائقين، في حال لم يغلق باب الباص أو يلتزم بالطاقة الاستيعابية، لأن تلك الحلول الواهية لن تجد لها آذان مصغية من قبل المواطن في ظل أزمة المواصلات الخانقة، وفقر جيبه.

دام عزّكم، ما رأيكم؟!

العدد 1107 - 22/5/2024