تبّاً أيلول!

محمود هلال:

حلّ شهر أيلول ضيفاً ثقيلاً هذا العام ينكأ جراح السوريين وأوجاعهم، ويحمل إليهم هموماً إضافية فوق همومهم. فكما هو معروف هو شهر يجهّز فيه السوريون مؤونة الشتاء، وفيه تفتح المدارس أبوابها، وفيه يستعد الناس لفصل الشتاء، وعادة تهطل الأمطار في نهايته، وكما يقولون (أيلول ذيله مبلول).

وما يميّز أيلول هذا العام أن قساوته أكثر وأشد على الغالبية العظمى من الناس، بسبب تردي أوضاعها المعيشية واتساع رقعة الفقر أكثر، فالكل أعلن إفلاسه منذ بدايته، هذه المرة، كما رفعت رايات الاستسلام في وجه الغلاء الذي أفرغ الجيوب، وهدّ الحيل، وكسر الظهور، وأضعف القوة الشرائية والمادية والمعنوية.

عدتَ هذا العام، يا أيلول، والغلاء الفاحش يسيطر على الأسواق، وكذلك انفتاح شهية التجار على الربح أكثر فأكثر، مما رفع أسعار كل شيء أضعافاً مضاعفة، ابتداء من سعر البيضة وانتهاء بكل شيء، يُفرغون الجيوب أكثر مما هي فارغة، ويُحزنون قلوب الكبار الذين باتوا يحلمون بغد أفضل يستطيعون فيه تدبير متطلبات أسرهم ونفقاتها!

تبّاً لك وأنت تعود كعادتك مع افتتاح المدارس والجامعات، وقد باتت مستلزمات التعليم ونفقاته عالية جداً وباهظة الأثمان! فقد قُدّرت مستلزمات التلميذ الواحد أكثر من 100 ألف ل. س. فما بالك إذا كان في الأسرة الواحدة أكثر من تلميذ، فضلاً عن نفقات ومتطلبات طلاب الجامعات خاصة بعد ارتفاع الرسوم والأقساط في المدارس والجامعات الخاصة، إذ أصبحت أسعارها فلكية قياساً بدخل أغلب الأسر السورية، وبذلك تقتصر إمكانية الدراسة في الجامعات على أبناء الأغنياء فقط. والسؤال هنا: هل المطلوب من الفقراء أن يدفعوا بأبنائهم إلى ترك المدرسة والجامعات والتسكع بالشوارع.

أما بخصوص المونة فماذا نقول لربات البيوت؟ أنقول لهن لا تحضّرن مؤونة الشتاء هذا العام، ويجب إلغاء الكثير من الأكلات مثل المكدوس الذي بات يكلف مئات الآلاف من الليرات السورية، أم نستغني عن البرغل الذي وصل سعر الكيلو غرام الواحد إلى 10 آلاف ليرة؟! أم ماذا عن الكشك والملوخية والمربَّيات، التي تم إضافتها إلى قائمة المحظورات من اللحوم والفروج والسمك والأجبان والفواكه وغيرها!

أما عن الاستعداد لموسم الشتاء فنقول إننا في حيرة من أمرنا، فالخمسون ليتراً التي ستوزع علينا بالتأكيد لا تكفي لتدفئتنا في الشتاء سوى بضعة أيام، ولا يمكن شراؤه بالسعر الحر الذي تجاوز 7000 ليرة لليتر الواحد، وقد بدأت أسعاره، مع اقتراب فصل الشتاء، تحلق صعوداً.

الغالبية العظمى من الناس في بلادنا تنوء تحت نفقات هذا الشهر الكبيرة، فينفقون كل ما لديهم، وبعضهم يلجؤون إلى الاستدانة، الأمر الذي يزيدهم عجوزاً مالية إضافية، ويزيدهم فقراً وبؤساً، فهل يلقون زيادة حقيقية على الراتب تتناسب مع هذا الغلاء الحاصل، لأن الواقع المعيشي أصبح صعبا ولا يطاق؟  أم نتركهم في هذا الشهر العصيب موجوعين تائهين في ديونهم غارقين؟!

 

العدد 1104 - 24/4/2024