انتخابات مفصلية ومؤشرات مقلقة!

طلال الإمام_ السويد:

أيام قليلة ويتوجه الناخبون في السويد للإدلاء بأصواتهم للمرشحين للمجالس البلدية، المقاطعات والبرلمان (الرايكيستاغ) وتجري الانتخابات يوم الأحد 11/9/2022.

بدأت منذ أسبوع تقريباً الحملة الانتخابية: صور زاهية للمرشحين بثياب انيقة ملأت ساحات، شوارع وجدران مختلف المدن السويدية، وكل حزب وكل مرشح يطلق مختلف الوعود حول ما سيفعله في حال نجاحه.

تجولت في ساحات وشوارع العاصمة ستوكهولم وضواحيها، قرأت الكثير من اللافتات، انتابني شعور أن الشعارات المطروحة باهتة، كلام عام، تصلح لكل زمان ومكان ووعود لا يمكن للمرء إلا أن يوافق عليها بغض النظر عن الحزب الذي يطرحها (يميني، يساري أو وسط) باستثناءات قليلة.

يمكن القول إن حزب اليسار السويدي، وحزب ديموقراطيو السويد العنصري المعادي للأجانب هما الاكثر وضوحاً في طروحاتهم ومطالبهم من الأحزاب الأخرى، وهذا مؤشر على أن المجتمع السويدي يسير نحو التشظي والانقسام الطبقي/ الاجتماعي مع تنامي النزعات العنصرية، ومعاداة الأجانب وازدياد معدلات الجريمة، والبطالة، مع تعمق الأزمة الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة (الطعام، السكن، الثياب) التضخم وانخفاض القيمة الشرائية للكرون السويدي.

غير أنه ورغم هذه الأزمة الشاملة التي تمر بها السويد (كما الدول الأوربية الأخرى) نجد أن النقاشات تقتصر في مختلف وسائل الإعلام حول ثلاث قضايا أساسية: القوانين وتطبيق النظام مع التشدد في العقوبات، قضايا الهجرة والاندماج، ارتفاع أسعار الكهرباء/ الطاقة. مع حديث الهرولة نحو الانضمام للناتو مهما كان الثمن حتى ولو كان على حساب مبادئ الحياد التي سارت عليها السويد منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، وزيادة ميزانية الدفاع والانخراط أكثر فأكثر في النزاعات العالمية تنفيذاً لأجندة الناتو.

لقد غابت مثلاً كليّاً، تقريباً، قضايا: السلام ومنع الحروب، حل النزاعات بالحوار، البطالة، البيئة، المساواة، حقوق الطفل.. وهذا مؤشر آخر أن المجتمع يسير باتجاه خاطئ وخطر لن يكون كما أعتقد لصالح السويد والسويديين.

أستعرض فيما يلي بعض شعارات الأحزاب والوعود العامة التي لا يمكن لأي ناخب أن يقول لها لا.. أما السؤال الأهم فهو: أين كانت الأحزاب الحاكمة أو تلك التي في المعارضة خلال السنوات الأربع الماضية؟ لماذا لم تحققها؟ او ماذا فعلت لتجاوزها؟

مثالاً أهم الشعارات المتعلقة بالمدارس والتي جاءت في لافتات مرشحي مختلف الأحزاب:

* لا للسعي وراء الربح في المدارس.

*معلمون أكثر في الصفوف.

*المدرسة الجيدة تغلق الطريق أمام الجريمة.

* من أجل هدوء أكثر في الصفوف.

*القرار في المدرسة للمعلم.

*انضباط أكثر وأمان في المدارس.

*المدرسة للأطفال /التلاميذ وليس لمالكها.

*المستقبل يبدأ في الصف المدرسي.

أوقفوا الركض وراء الربح… نعم لزيادة العاملين في المدارس.

*من أجل منع الالبسة ذات المضمون الديني في المدارس.

*المزيد من أجهزة المراقبة في الشوارع من أجل الأمان.

بربّكم من يمكن أن يقول (لا) لكل تلك الشعارات العامة التي تصلح الآن أو للانتخابات بعد عشرات السنين؟ من السهل إطلاق شعار جميل، منمق مع صور مرشحين ملونة جميلة وابتسامات عريضة.. المهمّ هو التنفيذ!

أخيراً المقلق هي تلك المؤشرات حول تصاعد النزعات العنصرية، النازية والمعادية للأجانب في المجتمع السويدي، لدرجة أن بعض الاستطلاعات تشير إلى إمكانية حصول الحزب اليميني العنصري المعادي للأجانب (ديموقراطيو السويد) على نسبة عالية داخل البلديات والبرلمان، الأمر الذي سيكون بداية مرحلة جديدة مؤلمة في السويد التي لن تشبه السويد التي عرفها العالم في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية.

لا بدّ من الإشارة إلى أن تصاعد النزعات العنصرية والنازية لا يقتصر على السويد فقط وإنما يشمل الكثير من مجتمعات أوربا الغربية، وهذا وحده يحتاج إلى وقفة خاصة.

العدد 1105 - 01/5/2024