إضاءة على بعض جوانب المنح التي تثير بعض التساؤلات

محمد علي شعبان:

يتساءل بعض الأصدقاء حول المنحة المقرر توزيعها للموظفين المدنيين والعسكريين.. ولو أنها قليلة، إلا أن نصف رغيف خير من لا خبز أبداً.

لكن معظم الأسئلة التي لم يرد عليها منذ سنوات ولم تأخذ اي اهتمام من قبل المعنيين.

السؤال الأول: لماذا لم تُعطَ للمياومين والمتعاقدين المؤقتين، كما هو وارد بالنصوص الواردة الخاصة بتوزيع المنحة؟

لماذا للموظفين فقط؟!

وهل أرباب الأسر من غير الموظفين، يعتبرون درجة ثانية، ولا يحق لهم، ما يحق لغيرهم؟!

-وهل أولاد أولئك الأسر لا يستحقون المساعدة! وخاصة أبناء العمال الذين توقفت أعمالهم منذ توقف الحركة العمرانية في سورية قبل عقد من الزمن.

وهل أوضاع المزارعين أحسن حالاً من العمال الذين يبحثون عن عمل ولم يجدوا؟!!

صحيح أن الراتب لا يكفي الموظفين الشرفاء، لكنه يقدم لهم الخبز والزيت. وإن معظم الموظفين، يتمتعون بتامين صحي وضمان اجتماعي، لكن العمال والفلاحين ليس لديهم أي ضمانات من أي نوع.

وخاصة بعد خصخصة قطاعات الصحة الحكومية وإفقارها..

-فهل هؤلاء المنتجون في جميع القطاعات لا يستحقون إعطاءهم منحة رغم ضيق حالتهم في الظروف الراهنة أكثر من أية شريحة اخرى؟!!

السؤال الثاني:

لقد نال المتقاعدون منحة مثلهم مثل الموظفين وعلى رأس عملهم، وهذا حقهم بالتاكيد..

-لكن ماذا عن الذين دخلوا سن التقاعد وتجاوزت أعمارهم ستة عقود من الزمن، وغير قادرين على العمل؟!

لقد قضى هؤلاء ستين عاماً من العمر وهم يعملون داخل الوطن وخارجه، يعملون دون توقف وليس عندهم إجازات صيفية، حتى منهم من ليس عنده عطلة أسبوعية، ومنهم من يعمل ليلاً في بلاد الاغتراب بغية تأمين أكبر قدر ممكن من المال ليعود إلى وطنه ويبني بيتاً يعيش فيه!

فهل قرار حرمانهم من المنحة كان صائباً؟!

-بالتأكيد من يعيش في المكاتب دون عمل ليس كمن يعيش في الغربة يعمل ليل نهار!

بالتأكيد إن شريحة الموظفين الذين يبدأ دوامهم في الثامنة والنصف، ليسوا كالعمال الزراعيين الذين يبدأ دوامهم في الساعة الخامسة صباحاً، وفي العراء تحت أشعة الشمس، وفي الأجواء الباردة شتاءً.

فهل صحيح أن يحرم العمال الذين لم تساعدهم الظروف للعمل بمؤسسات الدولة أن يحرموا من المنحة؟!

السؤال الثالث: إن غالبية العمال الزراعيين، والحرفيين الذين يعملون بقطاعات واسعة داخل الوطن، الذين قضوا ستين عاماً وأكثر في العمل، ودخلوا سن الشيخوخة حاملين معهم الأمراض المهنية، وأمراض الشيخوخة، وليس لديهم رواتب، ولا يوجد لهم ضمان صحي أو اجتماعي، وأفنوا عمرهم داخل حقول الوطن التي تقدم الغذاء لجميع المواطنين.

فهل هؤلاء انتهى دورهم ويجب التخلص منهم؟! أو أن المطلوب رعايتهم وتأمين الدواء لهم، والعيش الكريم أسوة بأبناء جيلهم العاملين بمؤسسات الدولة، ويتقاضون رواتب تقاعدية تحميهم في آخر حياتهم!

جميعكم يعرف أن كل مؤسسة من مؤسسات الدولة تميز عمالها وطاقمها الإداري عن عمال المؤسسات الأخرى.

ويبقى العمال والفلاحون المنتجون، ليس من دون دلال، بل ضحايا للابتزاز من الموظفين في القطاعات الإدارية التي يحتاجون إلى التواصل معها!

إن ثقافة التمييز بين شريحة واخرى تترك آثاراً سلبية بين المواطنين.

ولا يجوز تجاهل هموم الناس وخاصة الفقراء، الذين ليس بمقدورهم العمل.

جميعكم يعرف أن دخول الانسان عقد السبعينات يحتاج إلى رعاية خاصة على كل المستويات، وخاصة الطبية منها، ولا يجوز تركه تحت رحمة الكنّة والصهر، فهو بالتأكيد سيتخلى عن الدواء الذي يحتاجه، لسببين:

الأول: عزة النفس والكبرياء التي يتمتع بها.

والثاني: شعوره الإنساني تجاه أبنائه، وبناته وضيقهم المادي بسبب ضعف الأجور والرواتب..

لو أن هنالك عدالة في الظلم يستطيع الإنسان أن يضع الملح على الجرح ويصمت..

لكن عندما يشاهد المرء بعض حالات الترف من غير حدود، يعتصر قلبه ويزداد ألماً.

ليس صحيحاً أن يدخل أبناء المتنفذين، الذين لم يعملوا!

سوى الإنفاق بلا حدود!!

ينفق أحدهم في المقاهي ثمن قهوة، وأراكيل، وأشياء أخرى في اليوم، ما يعادل إنفاق أسرة كاملة خلال شهر كامل!

أعتقد أن أهالي الشهداء وأهالي الجرحى والمفقودين يتألمون كثيراً عندما يشاهدون أبناء المتنفذين، يعيشون مرفهين باذخين، وأبناؤهم على الجبهات، تعرفون جميعكم ماهي أحوالهم، وخاصة إذا كان آباؤهم من الذين تجاوزوا الستين عاماً وليس عندهم أي دخل بسبب أوضاعهم الصحية.

ومن يقول إن هناك جمعيات للمساعدة تقوم ببعض أعمال المساعدة

كأنه يقدم عذراً أقبح من ذنب.

العدد 1105 - 01/5/2024