فرح الأهالي بتفوّق أبنائهم.. ومصافحة الحكومة هي الهدية!

ريم سويقات:

بعد أن فشلت محاولات الحكومة بنشر الفرح في قلوب مواطنيها، الذين تصيبهم قراراتها بجلطات قلبية في أغلب الأحيان، صدرت نتائج امتحان إنهاء مرحلة التعليم الأساسي، فأحدثت إنعاشاً قلبياً للمواطنين، أعاد لهم فرحهم الضائع، بعد أن كان التفوّق وليس النجاح فقط لعدد غير قليل من الطلاب هو عنوان الفرح.

هذا التفوّق تمثل بحصول بعض الطلاب على مجموع الدرجات كاملاً، بينما اقترب البعض الآخر منه بفارق درجات قليلة، كان بمثابة جرعة زائدة من الفرح، لطالما احتاجها السوريون في خضمّ ما يعانونه من أزمات معيشية زادت من يأسهم، فردّ لهم ذلك التفوق الأمل والابتسامة والقدرة على العطاء في سبيل أن يحيا أبناؤهم حياة ملؤها المزيد من النجاحات.

ربما كان هذا الأثر واضحاً جليّاً في محافظة طرطوس، ولا سيما في ريفها، لشدة ما يعانيه أهلها من الفقر والبطالة وما ينجم عنهما من معاناة معيشية، فكان طعم الفرح مختلفاً. إذ بلغ عدد الطلاب الذين نالوا العلامة التامة في شهادة التعليم الأساسي في هذه المحافظة ٣١ طالباً وطالبة، موزعين في مناطق مختلفة.

إنه فرحٌ أعطى الطلاب المتفوقين وأهاليهم أملاً وقوة وعزيمة لمواجهة المستقبل، وقد أثبت هؤلاء الطلاب، وتحديداً الذين لا يمتلكون من مقومات الحياة سوى القليل، أنه لا شيء يقف أمام إرادة الإنسان وسعيه المتواصل لينال ما يريد، فرغم عدم توفر الجو الملائم للدراسة الذي تمثل بانقطاع الكهرباء وعدم توافر المازوت الذي كانوا يحتاجونه للتدفئة شتاء، إضافة إلى الغلاء الفاحش الذي عانى منه الأهالي والذي تربص بجيوبهم حتى استنزفها، كانوا قادرين على الاستمرار في كل تلك الظروف ونالوا ما يستحقون.

وبينما كرّم الأهالي أبناءهم المتفوقين والناجحين حسب قدراتهم، قامت حكومتنا بواجبها أيضاً وكرّمت طلابها، لدرجة أصبح فيها الطالب المتفوق في محافظة طرطوس يعرف زميله المتفوق في محافظة الحسكة. هل تعلم عزيزي القارئ كيف كان هذا التكريم؟

قامت وزارة التربية بنشر أسماء الطلاب المتفوقين على وسائل الإعلام، وحرصت الجهات المسؤولة على مقابلتهم ومصافحتهم بحرارة، اعلى من درجات الحرارة التي تمر بها البلاد اليوم، كنوع من التهنئة نابعة من قلب الحكومة!

أيها السادة، ليس غريباً نجاح السوري، ولكن الغريب في الأمر والذي يدعو إلى الفخر في الوقت ذاته، هو تفوقه رغم كل هذه الظروف الاقتصادية السيئة التي يعيشها بأسى وبأسى أكبر بسبب القرارات الحكومية التي تصب في وادٍ آخر بعيد عن مصالح المواطن.

إن تكريماً لائقاً للمتفوقين كالتكفل بتعليمهم في مرحلتي التعليم الثانوية والجامعية، أمرٌ يدعو بقية الطلاب إلى أن يسلكوا طريق زملائهم ويبعث في النفس الأمل والعزيمة، ولكن ماذا فعلت الحكومة في هذا أيضاً؟

رفعت معدلات القبول في الثانويات العامة في مركز محافظة طرطوس إلى 2251 وفي ريفها 2061!

لا بد من اتخاذ خطوات فعالة تعيد ثقة المواطن بحكومته، حفاظاً على ماء الوجه لا أكثر.

دام عزّكم، أيها السادة، ما رأيكم؟

العدد 1105 - 01/5/2024