أشياء كافرة!

محمود هلال:

(أنا مش كافر! بس الجوع كافر، والمرض كافر، والفقر كافر، والقهر كافر، والقلق كافر، والخوف كافر، أنا.. شو بعملّك إذا اجتمعوا فيّي كل الإشيا الكافرين؟!). أغنية غنّاها المبدع زياد الرحباني ذات يوم وقد بتنا نغنيها كل يوم، فمجموعة من الهموم تحيط بالغالبية العظمى من فقراء شعبنا، وبات المواطن في حالة هم وغم أشبه بالكفر. ما تعيشه اليوم الغالبية العظمى من فقرٍ وجوعٍ قد تدفعهم إلى الكفر، إذ أصبح تأمين لقمة العيش في ظل الغلاء الفاحش همّاً كبيراً وهاجساً مقلقاً في هذه الأيام، فضلاً عن الخوف من المرض في ظل فقدان الأدوية وغلائها، والخوف من المجهول ومن القادم من الأيام أصبح كابوساً مرعباً.

وهناك أشياء كثيرة كافرة يمكن إضافتها إلى ما تقدم تدفع إلى الكفر والقائمة تطول على سبيل المثال لا الحصر: انقطاع الكهرباء وتقنينها لساعات طويلة في هذا اللهيب الحارق أليس كفرأ؟ وكذلك فقدان وسائل التدفئة من محروقات وغيرها في البرد القارس وما عانته الناس في هذا الشتاء الطويل أليس كفراً أايضاً؟ وماذا نقول عن انتظار رسالة الغاز لأكثر من ثلاثة أشهر؟ أم نتكلم عن جنون الأسعار والغلاء الفاحش، وعن اضمحلال الراتب وانعدام القدرة الشرائية للموظفين وأصحاب الدخل المحدود؟

والسؤال: هل وصلنا إلى فقدان الأمل وحالة من اليأس؟ وهل وصلنا إلى المرحلة التي قلما نجد رجلاً سعيداً فيها، وأصبح الأمر نادراً؟ والجواب قد يكون ببساطة على شكل سؤال آخر: لماذا لا يضحك الناس عندنا؟ إذ غالباً ما نجدهم جادّين عابسين، وكأن هموم الدنيا كلها فوق رؤوسهم! أو كأن مسببات الضحك انعدمت من حياة الأشخاص، فلا يجدون ما يستحق التعبير عنه بصورة فرح أو مرح، على عكس أيام زمان، كما كنا نسمع، أن الناس كانوا يقضون معظم أوقاتهم بفرح ومرح، ويعيشون حياتهم دون منغصات: لا همّ ولا غمّ!

إذاً، لماذا نحن اليوم مهمومون ومغمومون!؟ ولكيلا أعمّم، فالغالبية العظمى تعيش هذه الحالة! إذ تجد المواطن يستيقظ عابساً، ويذهب إلى عمله فيزداد عبوساً، ويعود إلى بيته ليعبس أكثر، والكل مقطب الجبين، وقلما تجد أحداً أساريره مبسوطة، وحتى عندما تحكي لأحد نكتة تجده يضحك ضحكة صفراء أو من خارج قلبه، أو يضحك مجاملة.

لا شك أن الضحك يفيد الجسم والعقل ويحقق السعادة ويقلل من الضغوط، ويمنح الناس التجدد ويحد من أمراض القلب ويساعد على التأمل والاسترخاء، ويعطي الثقة بالنفس وينمي روح المشاركة والعمل الجماعي، وينمي قدرة الشخص الإبداعية، ويرفع من روحه المعنوية، ويجعله يفكر بشفافية، ويقوي الذاكرة ويجدد الطاقة ويعكس فرحة الروح، وشجاعة النفس والقوة الكامنة للتغلب على المعاناة، وله فوائد كثيرة غير ذلك يصعب تعدادها.

والسؤال: كيف نتخلص من هذه الأشياء الكافرة ونعيد لمواطننا فرحه ومرحه ونبقي الابتسامة على شفتيه؟ أيكون ذلك بتأمين العمل له؟ أم بتخفيض الأسعار؟ أم بزيادة الرواتب؟ أم بتحسين المستوى المعيشي؟ أم بتأمين السكن له؟ أم بماذا وماذا وماذا…؟

 

 

العدد 1104 - 24/4/2024